عزيزي المسلم، كن موقنًا أنك من الطبيعي أن تتعرض لإنهاك شديد في بعض أوقات حياتك، وأحيانًا أغلب أيام حياتك، وحينها بالتأكيد تحتاج لمن (يطبطب عليك ).
لكن هناك أوقاتًا تكون فيها منهكًا نفسيًا لدرجة أنه حتى (الطبطبة) أصبحت حِمل عليك !.. فهذا بُعد آخر من الإنهاك والوجع .. بُعد لا تنفع معه أبدًا أي (طبطبة) من البشر.
وهنا يكون الحل الوحيد هو الاستغناء بالله.. لكن هذا الاستغناء لا يأتي بالساهل، لأن الاستغناء بالله يعني أن تستغنى عن كل ما لدى البشر، مهما كان، وحينها تصل لمرحلة العز، لأن الاستغناء بالله هو عز المؤمن.
يؤكد ذلك حديث سهل بن سعد، قال: جاء سيدنا جبريل عليه السلام إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس».
الشرف والكرامة
كأن الله عز وجل يريد أن يعلم رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، من خلال وحيه الأمين سيدنا جبريل عليه السلام، أن شرف المؤمن وعزته وكرامته في الاستغناء بالله وفقط.. وكأنه يريد أن يربيه على عدم طلب الحوائج من الناس وإنما من الله عز وجل، فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة؛ فقال: ألا تبايعون رسول الله؟ وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئا.. فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه».
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟ارتق بالله
من يلجأ إلى الناس في كل شيء، لابد أن يأتي يوم، و(يتضايق) منه الناس، لأنه ليس من عادة الناس قضاء الحوائج طوال الوقت، خصوصًا لو كان لنفس الشخص، بينما لو طلبت كل لحظة شيء من الله عز وجل لن يردك خائبًا، ربما لا تلمس الأمر بيدك، لكن بالتأكيد ستشعر به في قلبك.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن أناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر».