ما قسمه الله لك أو نصيبك من الدنيا.. أحيانًا كثيرة لا تبدي الرضا عنه، بل غير قادر على أن ترضي نفسك بهذا المقسوم ولو (بالعافية)، مع أنك أفضل من غيرك بكثير، لكن غير قادر على الوصول إلى مرحلة الرضا، ليس هذا فحسب وإنما أيضًا متوتر وغير راض عن نفسك.
هنا توقف قليلاً، لكن إياك أن تستغرب شعورك هذا لأن هذا الإحساس طبيعي.. لأنه ببساطة الشعور بالرضا غير مرتبط على الإطلاق بكم ما تملك وما عندك.. الرضا حتى يحدث لك أو لغيرك له قانون لابد أن يطبق.. هذا القانون هو قوله تعالى: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ».. هذا هو شرط الرضا.. أن يكون العطاء من ربك وفقط!
هل كل العطاء من الله؟
هنا يأتي السؤال.. مؤكد أن كل عطاء هو من عند الله عز وجل وفقط.. فكيف يكون هناك عطاء من سواه سبحانه؟..
بداية لابد أن نعرف أن هناك فرق بين عطاء الربوبية وعطاء الألوهية:
عطاء الربوبية: ما يمنحه الله عز وجل لك حسب قوانين الكون.. بمعنى المؤمن والكافر بالتأكيد يستنشقون الهواء الذي وهبه الله عز وجل للجميع دون تفرقة..
لكن من قوانين الكون ستفاجئ بأن أحدًا سرق ثم أصبح غنيًا جدًا.. ومنها أيضًا أن تسعى بجد لأمور عديدة جدًا في ظاهرها حلال لكن باطنها انشغال بالدنيا ومغرياتها بشكل يسيطر تمامًا على معظم حياتك.. فالنتيجة وارد أن تصل لما تريد وتتمنى.. لكن ( منزوع الرضا ) أو رضا بشكل مؤقت..
اقرأ أيضا:
لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتكعطاء الألوهية
لكن عطاء الألوهية: عطاء خاص لأهل الله وعُبّاده.. هو عطية الرضا من الله يستشعرون به معنى الرضا الحقيقي.. وهذه ليس لها قوانين ثابتة أو محددة.. من الممكن أن يكون هذا العطاء هو منع أصلاً لكن في باطنه عطية وتستشعر الرضا!
يقول المولى عز وجل يوضح مثل هذه الأمور: « كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ».
في الحالتين عطاء .. لكن فرق كبير بين عطاء ناتج عن أهواءك .. ومن عطاء ناتج من رضا الله عنك ورضاك عنه.. وهنا المعنى الحقيقي لقوله تعالى: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» ( التوبة 100).. اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).