من العادات التي انتشرت هذه الأيام، أن يحشر بعض الناس أنوفهم في خصوصيات الآخرين، يمنح أحدهم لنفسه الحق في السؤال عن أمورهم ، ربما حتى يسأله عن سعر حذائه وماذا سيأكل على الغداء هو وأسرته.. وهي أمور لا تليق بنا كمسلمين، فحين تلتقي أحدهم لا تسأله من أين اتيت ولا إلى أين ذاهب..
فقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتلقون بالشهور وحين يلتقون لا يزيد السؤال عن كيف حالك؟.. وما ذلك إلا لأنهم عملوا بقوله عليه الصلاة والسلام: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، ثم ألم يعلم هذا المتطفل أنه بعد رحيله مباشرة يدندن صاحبه نحوه بكلمات لا تليق ربما أقل ما فيها وصفك بأنك (ثقيل الدم).
ليس من أخلاق المسلمين
التطفل لا يمكن أن يكون من أخلاق المسلمين، لسببين الأول: أنه يقلل من كرامة وقيمة صاحبه، والثاني: أن الإسلامة نهى عن التدخل فيما لا يعنيك أو يفيدك بشيء، فما الذي سيعود عليك إذا أصريت أن تعلم ماذا أكل فلانا في غدائه؟!..
أيضًا الوقوف في الطرقات والتسامر حول أمور أقل ما توصف أنها (بلهاء)، غير مقبول، فالإسلام نهى بالأساس عن الوقوف في الطرقات، واعتبره شيء مذموم، فما بالنا إذا كان الحديث لا يليق!.. وقد قال الله تعالى: «لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا » (النساء: 114).
اقرأ أيضا:
يوم الجمعة هدية ربانية.. احرص فيه على هذه الأمورضياع الوقت
للأسف أضعنا وقتًا ثمينًا كثيرًا، نحن المسلمين، في البحث عن أسرار الناس، ونسينا أن الله عز وجل منع حتى محاولة التلصص أو التجسس على الناس، لأن خصوصيات الناس لابد أن تحترم.
ويروى أنه يومًا ما نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق، فقال: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته».
الوصف القرآني فيمن يتبع عورات وأسرار الناس، جاء عظيمًا جدًا، وتشبيه ولا أروع في كيفية أكل لحوم الغير، قال تعالى: «وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ » (الحجرات: 12)، ومع ذلك يبدو أن البعض بات يستسيغ طعم الميتة!.