أخبار

6ثمرات يجنيها العبد المؤمن إذ صبر علي هموم الدنيا .. فرّج الله همّه، ودفع عنه الضر ورفع درجته في مقدمتها

بعد معاناة استمرت 613 يومًا.. وفاة أطول مريض في العالم بفيروس كورونا

الثبات على المبدأ.. متى تتأكد من هويتك وتثبت لنفسك أنك على الحق؟

الإخلاص كلمة السر فى قبول الأعمال.. كيف نحققه؟

سر صمت "يونس" بعد خروجه من بطن الحوت

خطيبي يسألني عن مرتبي ومشاركتي في مصروفات البيت وأنا تضايقت ولذت بالصمت.. ما العمل؟

حتى تنال البركة وتأخذ الأجر.. ابتعد عن هذه الأشياء عند الطعام

من لزم هذا الأمر فى يومه .. رزقه الله من حيث لا يحتسب

العادات العشر الداعمة للعلاقات .. تعرف عليها

جدد إيمانك.. الأدلة العقلية على وجود الله.. بنظرية رياضية استحالة وجود الكون بالصدفة

القرآن نفى أن يكون النبي شاعرًا ولم يَنْفِ عنه السحر ولا الكهانة. لماذا؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | أنس محمد | الاثنين 15 نوفمبر 2021 - 09:22 ص

{  وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}[يس: 69]

يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


أي: نحن لا المجتمع ولا البيئة التي يعيش فيها؛ لذلك كانت الأمية في رسول الله شرفاً؛ لأنه لو لم يكُنْ أمياً لكانت ثقافته من الخَلْق.

أمَّا أميته فتعني أنه أخذ ثقافته وعلمه من الله؛ لذلك كان من شرفه صلى الله عليه وسلم أن يكونَ أمياً، ومن شرف أمته أنْ تكون أمية، لأنها لو كانت أمة متعلمة لقيل إن ما حدث في الجزيرة العربية ما هو إلا قفزة حضارية، كما قالوا: لَمّا نصرنا الله في حرب رمضان ورأينا بأعيننا تأييد الله لنا، ومع ذلك قالوا: نَصْر حضاري.

فالحق سبحانه يقرر هذه الحقيقة: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } [يس: 69] لَكُنَّا علمناه غير الشعر، فرسول الله مُعلَّم نعم، لكن مُعلَّم مِنْ مَنْ؟ من ربه، لم يأخذ شيئاً من البشر.

لماذا يتعلم النبي الشعر؟

وقد يُظَنُّ أن الله لم يُعلِّمه الشعر؛ لأن الشعر يحتاج إلى ثقافة لغوية وعِلْم بالأوزان والقوافي، ولا بُدَّ له من الحِسِّ المرهف والأذن الموسيقية إلى آخر هذه الأدوات التي يحتاجها الشاعر وربما لم تتوفر هذه الأدوات لرسول الله كما أنها لم تتوفر لكثيرين غيره.

فيرد الله تعالى هذا الظن، ويقول: { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } [يس: 69] يعني: لم نُعلمه الشعر لنقصٍ في إمكانياته، فلو أراد أنْ يقول شعراً لَقَالَ الشعر على أحسن مَا يُقَال، لكن لا ينبغي له ذلك؛ لأن مهمة الرسول خلاف مهمة الشاعر، فأغلب الشعر في الكذب وفي الشر، فإذا دخل في الخير ضَعُفَ ولاَنَ، ذلك لأن طبيعة الشعر أن ينطلق ويُحلِّق في الخيال، وأن يقول الشاعر ما يحلو له أياً كانت غايته؛ لذلك قالوا: أعذب الشعر أكذبه.وكثيراً ما نرى الشعراء أصحاب القيم والأخرق يصعب عليهم الجمع بين مطلوب الإيمان منهم، وما تدعوهم إليه مَلَكة الشعر عندهم، فلا يملكون إلا أنْ يحصروا أنفسهم في شعر القيم والأخلاق والفضائل، ويبتعدوا عن شعر الهجاء والغزل.

والشاعر المهجري الذي عُرِف عنه التقوى والصلاح، فحاول أنْ يجمع بين هذه التقوى والموهبة الشعرية لديه فقال:

مَوْلاَي إنِّي قَدْ عَصَيْتُكَ عَامِداً        لأَرَاكَ أَجْمَلَ مَا تكُونُ غَفُوراً

وَلَقَدْ جَنَيْتُ مِنَ الذُّنُوبِ كِبَارَهَا       ضَنّاً بِعَفْوِكَ أنْ يكُونَ صَغِيراً

فأجاد في الأولى، ولم يُوفَّق في الثانية.

وسيدنا حسان بن ثابت، كان شاعراً مجيداً في الجاهلية، فلما أسلم قالوا له: لاَنَ شعرك يا أبا الحسام. فقال: الشعر نكِد يَقْوى في الشر، فإذا دخل في الخير ضعُفَ ولاَنَ.

فقوله تعالى: { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } [يس: 69] دفع عن رسول الله الاتهام بأن طبيعته ليست شاعرية، أو أنه غير مُرْهف الحس، وأن أذنه غير موسيقية، إلى آخر هذا الهراء، وكيف يُتَّهم بهذا مَنْ علَّمه الله، وباشرتْ أذنه الوحي؟

هل أنشد النبي الشعر؟

أما القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنشد الشعر، نعم أنشد رسول الله الشعر، لكن لم ينشده مستقيماً، بل خالف فيه حتى لا يظلَّ البيتُ على استقامة وزنه، فلما أنشد:

سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً            وَيأْتِيكَ مَنْ لَم تُزوِّدِ بِالأَخْبَارِ

وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: " أصدق كلمة قالها لبيد:

أَلاَ كُلُّ شيءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ             وَكُلُّ نَعيمٍ زائِلٌ لاَ مَحَالَةَ

والصواب:

أَلاَ كُلُّ شيءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلٌ             وَكُلُّ نَعيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ

إذن: كان سيدنا رسول الله يكسر وزن البيْت، حتى لا يقال إنه أنشد الشعر، مع أن الله تعالى قال: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } [يس: 69] لكن لم يَنْه رسول الله عن إنشاده، فكأن رسول الله يحتاط للأمر، فيقول ولا أنشده أيضاً، ليكون بعيداً عنه كلية.

هذا عن الإنشاد، أما عن قوله الشعر بنفسه، فيرى البعض أنه صلى الله عليه وسلم قال شعراً مثل قوله في غزوة حنين:

أَنَا النَّبيُّ لاَ كَذِب            أَنَا ابْنُ عَبْدِ المطَّلِبِِ


نعم جاء هذا القول من رسول الله موافقاً لوزن شعريٍّ يسمونه الرَّجز، فهو قول صادف وزناً شعرياً وفرْق بين نَظْم الكلام وإخضاعه للوزن والقافية، وبين كلام يصادف وزناً دون قصد، وإلا ففي القرآن نفسه آيات صادفت وزناً شعرياً، فهل نقول إنها شعر؟ واقرأ مثلاً:{  لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ.. }[آل عمران: 92].{  فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ }[يوسف: 32].{  نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }[الحجر: 49].

هذه وغيرها آيات صادفت وزناً شعرياً، لكنها لا تُسمَّى شعراً؛ لأن الشعر قول موزون مُقفَّى قصداً.الحق سبحانه حكى عن رسوله أن الكفار اتهموه فقالوا: ساحر وشاعر وقالوا: كاهن، لكن القرآن رَدَّ عليهم في مسألة الشعر، ونفى أن يقول الرسول شعراً: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } [يس: 69] ولم يَنْفِ عنه السحر ولا الكهانة، لماذا؟

قالوا: لأن مهمة رسول الله بلاغ القرآن عن الله، والقرآن من جنس الأساليب الراقية، وأقرب شيء إليه الشعر لذلك نفاه القرآن، أما السحر فطلاسم وكلام لا معنى له، فلم يَقُلْ: وما علمناه السحر.

ولو أن لهذه الكلمة مدلولاً لكان الرد عليها سهلاً، فإذا كان محمداً ساحراً سحر المؤمنين به، فلماذا لم يسحركم أنتم أيضاً، إذن: تكذيبكم له وكفركم به أدَلُّ شيء على أنه ليس ساحراً، وهل للمسحور إرادة مع الساحر.

وفي قولهم كاهن ردٌّ عليهم:{  وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ }[الحاقة: 42] لأن قَوْلَ الكاهن كلام مسجوع سَجْعاً بارداً، والقرآن خلاف هذا كله، ثم إنكم أهل فصاحة وبيان، وأنتم أعلم الناس بالأساليب والتمييز بينها، فهل يخفى عليكم أنْ تفرقوا بين القرآن وغيره من الكلام وأنتم أمة كلام، وتجعلون للكلمة أسواقاً ومعارض؟

نشوة الإعجاب بالقرآن

ثم يُبيِّن الحق سبحانه العلة في عدم قول الرسول للشعر، فيقول سبحانه: { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } [يس: 69] إن هنا بمعنى ما النافية. يعني: ما هذا القرآن إلا تذكير لمن يعقل وقرآن مبين. أي: بيِّن واضح يُتلَى، وقد يكون له نَغَم ألذّ في أذن الوَرع من الشعر، لذلك بعض الناس يسمع القرآن فتأخذه نشوة وإعجاب، ولو سألته تجده لا يعرف ما يحدث له، لماذا؟

قالوا: لأن الذي يتكلم الله، والذي يسمع خلق الله، فالله تعالى يتكلم بالكلام الذي يؤثر ويستميل المخلوق لله الذي ما يزال على فطرته التي فطر الناس عليها، فإنْ خرج عن هذه الفطرة لم يؤثر فيه القرآن هذا التأثير، ذلك لأن القرآن واحد أمَّا الفطرة المستقبلة فتختلف.

والحق سبحانه يشرح لنا هذه المسألة في قوله تعالى:{  وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً }[محمد: 16] فأمره الله أنْ يردّ عليهم:{  قُلْ هُوَ }[فصلت: 44] أي: القرآن{  لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى }[فصلت: 44].

ذلك لأن فاعلَ الشيء غير قابله، وسبق أن مثَّلْنا لذلك بكوب الشاي الساخن تنفخ فيه ليبرد، وفي الشتاء تنفخ في يديك لتُدفئها، فالنفخة واحدة، لكن المستقبل لها مختلف، كذلك حال الناس في تلقِّى القرآن، فمَنْ تلقى كلام الله بفطرة سليمة فهمه وتأثر به، ومَنْ تلقى كلام الله وهو منشغل عنه أُغْلِق عليه، فلم يفهم عن الله ولم يتأثر بكلامه.

لذلك نرى بعض الناس من غير العرب لا ينطق بكلمة عربية، لكنه ساعة يسمع أو يقرأ كلام الله تجد له انفعالَ مواجيد، وتدمع عيناه، لماذا؟ لا بد أن شيئاً في تكوينه تأثر بهذا الأسلوب.وإذا كان الحق سبحانه أوحى إلى الجماد فانفعل لكلامه، وأوحى إلى الحيوان ففهم عنه، فمن باب أَوْلَى يكلم الإنسان العاقل بكلام يصادف طبيعته ويؤثر فيه، فيتأثر وينفعل.

ثم يقول سبحانه مبيِّناً مهمة هذا الذِّكْر وهذا القرآن المبين: { لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً } [يس: 70] نعم، سماهم أحياء وخطابك لهم دليل على أنهم أحياء، لكن أحياء الحياة المادية التي تنتهي بالموت، إنما هناك حياة أخرى بالعقل والفكر وبالقيم الروحية، وهذه لا يظهر أثرها إلا بعد الموت.

المادة والروح في الإنسان

والناس جميعاً يشتركون في الحياة المادية؛ لذلك يُسمَّى العنصر الذي يدخل على الحياة المادية لتأخذ طابع الحياة الروحية (الروح)، فالروح روح من أمره سبحانه، وبعد أنْ يعطيه الروح التي تحيا بها المادة يعطيه الروح التي تحيا بها القيم، وحياة القيم قُلْنا: إنها ترتقي بك لتعطيك قيمة في الآخرة، وقد تعطيك في الدنيا راحة البال واستقامة واستقراراً، لكن تظل الحياة الحقيقية في الآخرة.

فإذا شاء الله أُعْطِي الإنسانُ حياةً موصولة كما أعطي سيدنا يحيى، فلما دعا سيدنا زكريا ربه{  قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }[مريم: 4-6].

فأجابه الله:{  يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً }[مريم: 7].

إذن: بشَّره الله بالغلام، وسمَّاه اسماً يدل على أنه سيعطيه حياة موصولة؛ فحين تسمى ولدك ذكي مثلاً تفاؤلاً أن يكون ذكياً، أو نبيل تفاؤلاً أن يكون نبيلاً، لكن أتملك أنْ تحقق رغبتك هذه.

لذلك قال الشاعر:

وَسَمَّيْتُهُ يَحْيَى لِيحيَاْ فَلَمْ يَكُنْ         لِرَدِّ قَضَاءِ اللهِ فِيهِ سَبِيلُ

نعم، أنت سميتَ، لكنك لا تهب الحياة، واهبُ الحياة هو الله، فإذا سَمَّى الله يحيى فلا بُدَّ أن يحيا حياة موصولة؛ لذلك مات سيدنا يحيى شهيداً، لتتصل حياته الدنيا بحياة الآخرة، وليحقق فيه ما أراده الله.

ومعنى: { وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [يس: 70] أي: يستحق لهم العذاب؛ لأنهم لم ينتفعوا بالإنذار.


https://www.youtube.com/watch?v=AdSz9wFEcoQ


الكلمات المفتاحية

الشعراوي تفسير القرآن لماذا نفى القرآن أن يكون النبي شاعر ولم ينف أنه ساحر قصص القرآن

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}[يس: 69]