تعد البريطانية جو كاميرون واحد من شخصين فقط في العالم يتمتعان بحالة نادرة تجعلها لاتشعر بالألم أو الخوف أو القلق.

وبسبب الطفرة الجينية النادرة لدى المرأة البالغة من العمر 75 عامًا فإن مستويات التوتر لديها شبه معدومة، وجروحها تلتئم في وقت قياسي.

ليست بحاجة لمسكن للآلام

وعانت المعلمة السابقة من كسور في العظام، وجروح، والتهاب المفاصل والعديد من العمليات الجراحية، وعلى الرغم من ذلك فإنها لم تكن بحاجة إلى مسكن للآلام.

كما أنها لاتشعر بما يشعر به الآخرون عندما تتعرض للحروق أثناء الطهي، وكذا عندما تعرضت لحادث سيارة عانت من كدمات خفيفة. علاوة على الولادة دون ارتعاش.

لكن الأم لابنين، والتي تعيش بالقرب من بحيرة لوخ نيس في المرتفعات الاسكتلندية لم تكتشف حالتها غير العادية إلا قبل 10 سنوات.

وقالت: "علمت أنني كنت سعيدة، لكنني لم أفهم أنني مختلفة. اعتقدت أنني كنت وحدي. لم أكن أعرف أن أي شيء غريب كان يحدث حتى بلغت 65عامًا".


وتعتقد كاميرون أن حالتها النادرة ستجعلها تعيش أكثر من جميع أصدقائها.

وأضافت: "الألم موجود لسبب ما، إنه يحذرك - تسمع أجراس الإنذار - وسيكون من الجيد التحذير عندما يكون هناك خطأ ما. كنني قررت أنني سأعيش حتى 120 لأنني لا أعاني من ضغوط وهذا هو القاتل الأكبر".

وفي عام 2013، سعت كاميرون للحصول على علاج لمشكلة في وركها – شخصها الأطباء على أنه تنكس حاد في المفاصل، على الرغم من أنها لم تكن تشعر وقتها بأية آلام.

استبدلت مفصل الفخذ وقتها، وحصلت على الباراسيتامول في اليوم التالي من العملية التي عادة ما يعقبها شعور بالألم، لكنها لم تشعر بذلك، مما أثار دهشة الأطباء الذين قاموا بإحالتها إلى وحدة متخصصة حيث اكتشفت أخيرًا تمتعها بـ "قوى خارقة".

اقرأ أيضا:

مع الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة.. كيف تقي نفسك ضربة الشمس؟

طفرة في جين FAAH-OUT

واكتشف العلماء أن ذلك يرجع إلى طفرة ليها في جين (FAAH-OUT) غير المعروف سابقًا، والذي يرتبط بالألم والمزاج والذاكرة.

وتوصل الخبراء من كلية لندن الجامعية إلى فهم أوضح لكيفية عمل هذه الاختلافات على المستوى الجزيئي.

وقال الباحثون إن النتائج المنشورة في مجلة "برين" تفتح الباب أمام أبحاث عقاقير جديدة فيما يتعلق بإدارة الألم والتئام الجروح.

قال البروفيسور جيمس كوكس، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وهو أحد كبار مؤلفي الدراسة: ""من خلال الفهم الدقيق لما يحدث على المستوى الجزيئي، يمكننا أن نبدأ في فهم البيولوجيا المعنية وهذا يفتح إمكانيات لاكتشاف الأدوية التي يمكن أن يكون أنها آثار إيجابية بعيدة المدى على المرضى".

واكتشف الباحثون أن مستويات نشاط الإنزيم في جين (FAAH) تنخفض بشكل كبير في حالة كاميرون.

وقام أيضًا بتحليل عينات الأنسجة لدراسة آثار الطفرات الجينية على المسارات الجزيئية الأخرى ووجدوا نشاطًا متزايدًا في جين آخر، يُعرف باسم (WNT16)، كان مرتبطًا سابقًا بتكوين العظام.

كما اكتشفوا تعديلات في جينين آخرين هما: (BDNF( و(ACKR3)، والتي يعتقدون أنها قد تسهم في انخفاض القلق والخوف وعدم الألم لدى المرأة.

وقال الدكتور أندريه أوكوروكوف، من كلية لندن الجامعية، أحد كبار مؤلفي الدراسة: "إن جين FAAH-OUT هو مجرد ركن صغير من قارة شاسعة، وقد بدأت هذه الدراسة في رسم خريطة لها".

وتابع: "بالإضافة إلى الأساس الجزيئي لعدم الألم، حددت هذه الاستكشافات المسارات الجزيئية التي تؤثر على التئام الجروح والمزاج، وكلها متأثرة بطفرة FAAH-OUT".

واستدرك: "بصفتنا علماء، من واجبنا الاستكشاف وأعتقد أن هذه النتائج سيكون لها آثار مهمة على مجالات البحث مثل التئام الجروح والاكتئاب وغير ذلك".