أخبار

دراسة: قضاء بعض الوقت أمام الشاشات قد يكون صحيًا للأطفال

لهذا السبب.. "النوم على البطن" نهى عنه النبي وحذر منه الأطباء

الصدقة ترفع درجتك وتكفر سيئاتك إن أديتها بهذه الطريقة

من الوصايا العشر.. احفظ العهد ولا تغدر

"خير الدعاء".. دعاء يجمع بين خيري الدنيا والآخرة

حوار رائع بين رب العزة سبحانه وآخر رجل يدخل الجنة.. ماذا جاء فيه؟

لماذا يشترط الله علينا أن نذكره ليذكرنا؟.. هل ينسى أحدًا؟

ما يقال عند ذبح العقيقة وهل يشترط إحضار المولود؟

هؤلاء اشتروا آخرتهم بدنياهم فكسبوا الدنيا والآخرة.. التجارة مع الله لا تخسر أبدًا هذه فضائلها

"صديق وعدو.. ومحب وكاره".. احذر أن تقع في هذا المرض المُهلك

"ما كان لله أن يتخذ من ولد".. لماذا تكلم الحق عن نفي الولد بالذات؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الاحد 15 اغسطس 2021 - 12:25 م

{مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (مريم: 35)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


لماذا تكلم الحق سبحانه هنا عن نفي الولد بالذات؟

قالوا: لأن مسألة الشريك لله تعالى تُنفَى بأولية العقل، فإنْ كان كُلُّ إله صالحاً للفعل وللترك، فهذه صورة مُكرّرة لا تناسب الإله، وإنْ كان هذا إلهاً لكذا وهذا إله لكذا، فما عند أحدهما نقص في الآخر، وهذا محال في الإله، ولو أن هناك إلهاً آخر لذهب كل منهما بجزء، كما قال سبحانه: { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } [المؤمنون: 91].

لذلك نفى مسألة الولد؛ لأنها ذات أهمية خاصة بالنسبة لقصة عيسى عليه السلام؛ لأن الولد من الممكن أنْ يُستبعَد فيه الدليل، لماذا؟ لأن دليله اتخاذُ الولد أو حُبُّ الولد، والإنسان يحب الولد ويسعى إليه، لماذا؟

قالوا: لأن الإنسان ابْنُ دنياه، وهو يعلم أنه ميت ميت، فيحبّ أن يكون له امتداد في الدنيا وذِكْر من بعده، فالإنسان يتمسّح في الدنيا حتى بعد موته، وهو لا يدري أن ذِكْر الإنسان لا يأتي بعده، بل ذِكْره يسبقه إلى الآخرة بالعمل الصالح.

إذن: فحبُّ الولد هنا لاستدامة استبقاء الحياة، وهذا مُحَال في حَقِّ الله تبارك وتعالى؛ لأنه الباقي الذي لا يزول.


أمر لا يليق بمقام الألوهية


وقد يتخذ الولد ليكون عِزْوة لأبيه وسَنداً ومُعِيناً، وهذا دليل الضَّعْف، والحق سبحانه هو القويّ الذي لا يحتاج إلى معونة أحد. إذن: فاتخاذ الولد أمر منفيّ عنه تبارك وتعالى، فهو أمر لا يليق بمقام الألوهية، ويجب أنْ تُنزِّه الله تعالى أن يكون له ولد؛ لذلك يقول تعالى بعدها: { سُبْحَانَهُ } [مريم: 35].

وسبحان تدل على التنزيه المطلق لله تعالى تنزيهاً له في ذاته، وفي صفاته، وفي أفعاله، فهو سبحانه ليس كمثله شيء، وإنْ وجدتَ صفة مشتركة بينك وبين الله كأنْ يكونَ لله تعالى وجه ويد، ولكَ وجه ويد، فإياك أنْ تنزل بالمستوى الأعلى فتقول: وجهه كوجهي، أو يده كيدي، لأن لك وجوداً ولله تعالى وجود، فهل وجودك كوجود الله؟

وجودك مسبوق بعدم ويلحقه العدم، ووجوده تعالى لم يُسبَق بعدم ولا يلحقه العدم، فعليك ـ إذن ـ أن تقول في مثل هذه المسائل: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [الشورى: 11].

والمتتبع لمادة (سَبَّح) في القرآن الكريم يجد أنها جاءت بكل الصِّيَغ: الماضي: { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الحديد: 1]. والمضارع: { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [الجمعة: 1]. والأمر في: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [الأعلى: 1].

فما دام الكون كله سبَّح لله، ولم ينقطع عن تسبيحه، بل ما زال مُسبِّحاً، فلما خلق الخلق أمرهم بالتسبيح؛ لأنهم جزء من منظومة الكون المسبّح، وعليهم أنْ ينتظموا معه، ولا يكونوا نشازاً في كون الله.

أما المصدر (سبحان) فقد جاء ليدل على التنزيه المطلق لله تعالى، حتى قبل أن يخلق الخَلْق، التنزيه ثابت له تعالى قبل أنْ يخلق مَنْ يُنزِّهه كما في قوله تعالى: { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } [الإسراء: 1].


التنزيه المطلَق لله


لأن المسألة عجيبة وفوق إدراك العقل، فقد جاء بالمصدر (سبحان) الدالّ على التنزيه المطلَق لله، كأنه تعالى يُحذّر الذين يُحكِّمون عقولهم، ولا يُحكِّمون قدرة الله الذي خلقهم بقانون الزمان والمكان والبُعْد والمسافة، فكُلٌّ فعل يتناسب قوةً وقدرةً مع فاعله.

ثم يقول تعالى: { إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [مريم: 35] ذلك لأن الآية في خَلْق عيسى عليه السلام مخالفة للنواميس كلها، وخارقة للعادة التي أَلِفها الناس، فإياك أنْ تتعجب من فِعْل الله تعالى في يحيى، حيث جاء به مع عطب الآلات، أو تتعجب من خَلْق عيسى حيث جاء به مع نقص الآلات.

وإياك أنْ تتعَجَّب من كلام عيسى وهو في المهد صَبِياً، فهي أمور نعم خارقة للعادة وللنواميس، فخُذْها في إطار (سبحانه) وتنزيهاً له؛ لأنه تعالى إذا أراد شيئاً لا يعالجه بعمل ومُزاولة، وإنما يعالجه (بكُنْ) فيكون.

كن.. فيكون


ولا تظن أن خَلْق الأشياء متوقف على هذا الأمر (كُنْ)، فإن كان الفعل مُكوّناً من (كاف) و(نون) فقبل أن تنطق النون يكون الشيء موجوداً، لكن (كُنْ) هو أقصر ما يمكن تصوِّره لنا، والحق سبحانه يخاطبنا بما يُقرِّب هذه المسألة إلى عقولنا، وإلا فإرادته سبحانه ليستْ في حاجة إلى قول (كُنْ) فما يريده الله يكون بمجرد إرادته.

كما أنك لو أمعنتَ النظر في قوله تعالى: { إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [مريم: 35] تجد (يقُولُ لَهُ) أي: للشيء، فكأن الشيء موجود بالفعل، موجود أزلاً، فالأمر بكُنْ ليس لإيجاده من العدم، بل لمجرد إظهاره في عالم الواقع.



الكلمات المفتاحية

مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ۖ الشيخ محمد متولي الشعراوي سورة مريم تفسير القرآن

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (مريم: 35)