أجمعت كل الأديان والشرائع السماوية على تحريم فاحشة اللواط، التي تعد من أقبح الأفعال، ويأنفها كل ذي نفس سوية، ويكفي من بشاعتها ما قصّه الله سبحانه وتعالى في كتابه عن "قوم لوط"، وما حاق بهم من التنكيل جراء انغماسهم في هذه الفاحشة.
قصة سيدنا عيسى مع شخص ارتكب اللواط
مر سيدنا عيسى عليه السلام في أرض، فرأى نارًا تشتعل على رجل فأخذ ماء وأطفأها فتحولت النار شابًا أمردًا، وتحول الرجل نارًا واشتعل على الصبي، فتعجب من ذلك فدعا الله تعالى فأنطق الله له الرجل.
فقال يا نبي الله إني كنت أفعل الفاحشة بهذا الصبي، فجعلني الله نارًا أشتعل عليه تارة ثم يردني إلى حالي أولاً، ويجعل الصبي نارًا يشتعل علي تارة إلى يوم القيامة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا ركب الذكر على الذكر هرب الشيطان خوفًا من اللعنة أن تصيبه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط.
اظهار أخبار متعلقة
جزاء مرتكب اللواط
وعن النبي صلى الله عليه وسلم : من مات وهو يعمل عمل قوم لوط لم يلبث في قبره إلا ساعة واحدة ثم يبعث الله إليه ملكًا يشبه الخطاف فيخطفه برجليه ويطرحه في قوم لوط ويكتب على جبينه آيس من رحمة الله.
وعنه صلى الله عليه وسلم يؤتى يوم القيامة بأطفال ليس لهم رؤوس فيقول الله تعالى لهم من أنتم فيقولون نحن المظلمون فيقول ومن ظلمكم فيقولون آباؤنا كانوا يأتون الذكران من العالمين فألقونا في الأديان فيقول الله تعالى سوقوهم إلى النار واكتبوا على وجوههم آيسين من رحمة الله.
وحد اللواط كحد الزنا قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: "لو رأينا رجلاً يزني بامرأة ورجلا يلوط بصبي، ولم نقدر إلا على دفع واحد دفعنا الذي يلوط بالصبي".
قال رجل خرجت بأصحابي إلى النزهة فرجع واحد منهم فتبعه كلب من كلابنا فدخل الرجل على زوجة الرجل وأوقع الفاحشة بها فوثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الرجل وجدهما ميتين فأنشد فيهما:
فيا عجبًا للحل يهتك حرمتي .. ويا عجبًا للكلب كيف يصرف
وذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه أن الوليد بن عبد الملك قال: لولا أن الله ذكر قوم لوط في القرآن ما ظننت أن ذكرًا يفعل هذا بذكر.
يقول ابن كثير: فنفى عن نفسه هذه الخصلة القبيحة الشنيعة، والفاحشة المذمومة، التي عذب الله أهلها بأنواع العقوبات، وأحل بهم أنواعا من المثلات، التي لم يعاقب بها أحدا من الأمم السالفات وهي فاحشة اللواط التي قد ابتلى بها غالب الملوك والأمراء، والتجار والعوام والكتاب، والفقهاء والقضاة ونحوهم، إلا من عصم الله منهم، فإن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد، ولهذا تنوعت عقوبات فاعليه، ولأن يقتل المفعول به خير من أن يؤتى في دبره، فإنه يفسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا، إلا أن يشاء الله ويذهب خبر المفعول به.
يقول ابن كثير : فعلى الرجل حفظ ولده في حال صغره وبعد بلوغه، وأن يجنبه مخالطة هؤلاء الملاعين، الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكم المفعول به جريمة اللواط
وقد اختلف الناس: هل يدخل الجنة مفعول به؟ على قولين، والصحيح في المسألة أن يقال إن المفعول به إذا تاب توبة صحيحة نصوحا، ورزق إنابة إلى الله وصلاحا، وبدل سيئاته بحسنات، وغسل عنه ذلك بأنواع الطاعات، وغض بصره وحفظ فرجه، وأخلص معاملته لربه، فهذا إن شاء الله مغفور له، وهو من أهل الجنة، فإن الله يغفر الذنوب للتائبين إليه.
وأما مفعول به صار في كبره شرا منه في صغره، فهذا توبته متعذرة، وبعيدأن يؤهل لتوبة صحيحة، أو لعمل صالح يمحو به ما قد سلف، ويخشى عليه من سوء الخاتمة، كما قد وقع ذلك لخلق كثير ماتوا بأدرانهم وأوساخهم، لم يتطهروا منها قبل الخروج من الدنيا، وبعضهم ختم له بشر خاتمة، حتى أوقعه عشق الصور في الشرك الذي لا يغفره الله.
وفي هذا الباب حكايات كثيرة وقعت للوطية وغيرهم من أصحاب الشهوات.
والمقصود كما يقول ابن كثير: أن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة.
قال الله تعالى: "وكان الشيطان للإنسان خذولا"، بل قد وقع سوء الخاتمة لخلق لم يفعلوا فاحشة اللواط، وقد كانوا متلبسين بذنوب أهون منها.
وسوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا يقع فيها من صلح ظاهره وباطنه مع الله، وصدق في أقواله وأعماله، فإن هذا لم يسمع به.
وإنما يقع سوء الخاتمة لمن فسد باطنه عقدا، وظاهره عملا، ولمن له جرأة على الكبائر، وإقدام على الجرائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة.
اقرأ أيضا:
قبل ظهور السامري الأول.. لماذا عبد قوم موسى العجل؟عقوبة اللواط
وقد سن الإسلام، عقوبة لمن يرتكب جريمة اللواط، حتى تكون زجرًا لمن تحدثه نفسه بالوقوع في هذا الإثم العظيم، مصداقًا لقول الله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" (الأعراف: 33).
والعقوبة عند جمهور الفقهاء مثل الزنا: الحد مائة جلدة لغير المحصن (أي غير المتزوج)، والرجم للمحصن الذي يثبت إتيانه لتلك الفاحشة.
يقول الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، إنه "من المقرر في الشريعة الإسلامية أنَّ الزِّنَا حرامٌ وهو من الكبائر، وأنَّ اللواط والشذوذ حرامٌ وهو من الكبائر، وأنَّ مِن حِكَمِ الشريعة الغرَّاء في تشريع الزواج مراعاة حقوق الأطفال، ولذا أمر الإسلام بكل شيءٍ يوصِّل إلى هذه الحماية، ونهى عن كل ما يُبعد عنها؛ فأمر بالعفاف ومكارم الأخلاق، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، ونهى الرجالَ أن يتشبهوا بالنساء، والنساءَ أن يتشبهن بالرجال، وأقام كلًّا منهما في الخصائص والوظائف التي تتسق مع خِلْقتهما، وربط هذا كله بالحساب في يوم القيامة وبعمارة الأرض وبتزكية النفس، فاعتقد المسلمون اعتقادًا جازمًا أن مخالفة هذه الأوامر والوقوع في هذه المناهي يُدمِّر الاجتماع البشري، ويُؤْذِنُ بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، ويُمثِّل فسادًا كبيرًا في الأرض يجب مقاومته ونُصح القائمين عليه وبيان سيّئ آثاره".
وأضاف: "إذا تقرر ذلك فإن الإسلام لا يعترف بالشذوذ الجنسي، ويُنكر الزِّنَا، ويرفض كل علاقةٍ جنسيةٍ لا تقوم على نكاحٍ صحيحٍ".