أخبار

بالفيديو.. عمرو خالد: أفضل طريقة تزيل خوفك وقلقك على مستقبلك (الفهم عن الله - 2)

لماذا أجر الصوم مضاعف في رمضان؟

هل يصح صيام وصوم النفساء عند ارتفاع الدم قبل الأربعين؟

"جنة المحاربين ولجام المتقين".. هل سمعت هذه المعاني من قبل عن الصوم؟

4 كلمات لا تتوقف عن ترديدها خلال صومك

"إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".. هل سمعت بهذه المعاني؟

كيف تتغلب على رائحة الفم الكريهة أثناء الصوم؟

حافظ على صومك.. احذر "مؤذن الشيطان ومصايده"

5 أشياء تبطل الصوم وتوجب القضاء.. تعرف عليها

لماذا شرع الله الصوم.. هذه بعض حكمه

"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة".. ما ذنب الدواب حتى تتحمل عاقبة ظلم الإنسان؟

بقلم | فريق التحرير | الخميس 23 ابريل 2020 - 03:23 م
"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا" (فاطر: 45).
يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:
الحق سبحانه وتعالى رحيم يُوالي نعمه حتى على الكافرين به، والعاصين لأوامره، ولو أن الله تعالى آخذهم بظلمهم - وظلمهم كثير - ما ترك أحداً منهم، فلماذا يعاملنا الله هذه المعاملة؟ ولماذا يمهلنا هذا الإمهال؟ قالوا: لأنه تعالى ربنا وخالقنا، ويعلم أن الإنسان ضعيف أمام شهوات نفسه، ضعيف أمام هواه وأمام شيطانه؛ لذلك سبق حِلْمُه غَضَبه، وسبق عفوُه مؤاخدته، وقال سبحانه {  وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [الشورى: 30].
وورد في الأثر أن الحق سبحانه يخاطبنا بقوله تعالى: ".. لو لم تذنبوا لخلقتُ خلقاً غيركم يذنبون، فيستغفرون فأغفر لهم " وإلاَّ فكيف يُوصف الحق سبحانه بأنه توَّاب غفَّار، فالحق سبحانه يريد أنْ يثبت لنفسه سبحانه كل صفات الكمال، وأولها الوجود الواجب، ثم الحياة، وكل الصفات تابعة لهاتين الصفتين.
وهذه الصفات لله تعالى يمكن أنْ تقسم إلى قسمين: قسم له مقابل: وهي صفات الفِعْل من الله تعالى، مثل: المحيي يقابلها المميت، والمعز يقابلها المذل، وقسم ليس له مقابل وهي صفات الذات مثل: الحي العزيز القهار الحليم، فهي صفات لا نقيضَ لها.

اقرأ أيضا:

هذا جزاء من يلقى ربه وفي صحيفته شهر رمضان!والحق سبحانه لا يُؤاخذ الناسَ بما كسبوا. أي: من التعدي والظلم؛ لأن الله خلق الإنسان، وخلق له شهوات وغرائزَ، وكل أمور الدين جاءت لِتُعلي هذه الشهوات، وتسمو بهذه الغرائز، لا لتمحوها، جاءت لتهذبها لا لتقضي عليها، وإلا لو أن الحق سبحانه أراد ألاَّ تحدث هذه التعديات وهذا الظلم ما جعل الغرائز أصلاً.
فمثلاً غريزة الجنس خلقها الله لعمارة الكون، ويريد الله من الإنسان أنْ يُعلي من هذه الغريزة بحيث تكون في الحلال وتحت مظلة الشرع، وسبق أنْ بيَّنا الفرق في هذه المسألة حين تتم في النور وتحت مظلة شرع الله، وعلى كلمات الله، وكيف نفرح بها ونعلنها ونفخر بها، أما لو تمت في الخفاء بعيداً عَمَّا شرعَ اللهُ فنحاول كتمانها، والتخلص من ثمرتها إنْ كان لها ثمرة، وإنْ ظهرت للناس كانت وصمةَ عار لا تُمحَى.
لذلك جاء في الحديث " أن رجلاً من الصحابة كان شديد الغيرة على بناته، فلما تقدم رجل لخطبة واحدة منهن ذهب ليخبر رسول الله، فتبسَّم رسول الله وقال له: " جدع الحلال أنف الغيرة " ".
يعني: الأمر الذي كنت تغار منه ولا تقبله، الآن تفرح به وتدعو الناس إليه، لماذا؟ لأنه جاء من طريق الحلال الذي شرعه الله، وكلمة الحق هي التي أبرزتْ العواطف، وجعلتْ المهيِّج المثير مُسْعِداً لا غضاضة فيه.
كذلك غريزة حب الاستطلاع موجودة في الإنسان ليتأمل الكون من حوله، ويبحث عن أسرار الله فيه، وما جعلها الله للتلصُّص على الناس، وتتبُّع عوراتهم وأعراضهم. كذلك الأكل والشرب غريزة جعلها الله لأنها مُقوِّم من مُقوِّمات الحياة، وينبغي أنْ تكون في هذه الحدود حدود استبقاء الحياة، لا أنْ تتحوَّل إلى نَهَم وشَراهة، وتصل إلى حَدِّ التُّخمة.
والغريزة جعلها الله في الإنسان لحكمة، فالولد مثلاً يتحمل أبوه مشقة تربيته والإنفاق عليه، ويظل الولد عالة على أبيه طيلة خمس عشرة سنة، ولولا أن الله تعالى ربط النسل بالعملية الجنسية، وجعل فيها لذة الجماع لزَهدَ كثيرون في الإنجاب، كذلك الأم تتحمل مشقة الحمل والولادة والرضاعة.. إلخ، حتى أنها لتُقسم في الولادة أنها لا تحمل مرة أخرى، لكن عندما يذهب ألم الوضع، ويكبر الولد تشتاق إلى غيره.. وهكذا.
وحين تتأمل مسألة الغريزة تجد أن الخالق سبحانه جعل في الإنسان الغريزة ونقيضها، فتراه في موقف رحيماً وفي موقف آخر غَضُوباً، أو عزيزاً في موقف، ذليلاً في موقف آخر، وهاتان الغريزتان لا تجتمعان في الإنسان في وقت واحد، فالظرف الإيماني يحكم عليه مرة بأن يكون عزيزاً، ومرة بأن يكون ذليلاً.
واقرأ إنْ شئتَ قوله تعالى: {  فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [المائدة: 54]. وقوله سبحانه: {  مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [الفتح: 29].
إذن: الخالق عز وجل جعل فيك الغرائز المتناقضة، لا يكبت شيئاً منها، لكن لِتُستعمل كل غريزة منها في موقعها المناسب.
ومعنى: { يُؤَاخِذُ } [فاطر: 45] يعني: يعاقب ويجازي { بِمَا كَسَبُواْ } [فاطر: 45] نقول: كسب واكتسب، كلمة كسب تدل على وجود تجارة فيها ربح ومكسب زيادة على رأس المال، وهي تدل على المكسب الذي يأتي طبيعياً، أما اكتسب ففيها مفاعلة، وهي على وزن افتعل، ففيها افتعال وتكلُّف.
لذلك يستعمل القرآن كسب في الخير واكتسب في الشر {  لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } [البقرة: 286] لأن فعل الخير يأتي منك طبيعياً، لا تكلفَ فيه ولا افتعال على خلاف الشر، فيحتاج إلى محاولات وإلى حِيَل واحتياط وتلصُّص.. الخ.
لذلك قلنا: إن الطاعة لا تُكلِّف الإنسان شيئاً، أما المعصية فهي التي تكلف الكثير؛ لأن الطاعة تأتي منك طبيعية، أما المعصية فتحتاج إلى حِيَل واحتيال وافتعال.
فإن قُلْتَ: فما بَالُ قوله تعالى في السيئة {  بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [البقرة: 81].
نقول: استعمل القرآن كسب مع السيئة؛ لأنه يتحدث عن الذين أسرفوا على أنفسهم، وبالغوا في المعصية حتى أحبوها وعشقوها، بل ويتحدثون بها ويجاهرون، وحتى أن المعصية تأتي منهم طبيعية، كأنها طاعة، ويفعلونها بلا افتعال ولا احتياط، فهي في حَقِّهم كسبٌ لا اكتساب، ويفرحون بها كأنها مكسب فلا يُؤنِّبون أنفسهم، ولا يلومونها، ولا يندمون على معصيتهم.
والآية هنا بنفس هذا المعنى { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ.. } [فاطر: 45] يعني: عشقوا المعصية والظلم وفرحوا به كأنه مكسب. ثم يأتي جواب الشرط: { مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ.. } [فاطر: 45] معنى الدابة: كل ما يدبّ على الأرض. أي: يمشي عليها الهُوَيْنَا، لكن غلبتْ الكلمة على ما يُركب ويحمل الأثقال.
لذلك قال العربي لآخر: لقد أَعْيَيْتَني شبَّ ودبَّ يعني في شبابك، وفي شيخوختك، وأنت تدبّ وتمشي الهُوَيْنا.
لكن، ما ذنب الدوابِّ تتحمل عاقبة ظلم الإنسان؟ قالوا: العلاقة هنا أن الدابة مخلوقة مُذلَّلة لخدمة الإنسان وراحته، فمعنى هلاك الدواب أنْ تمتنع راحة الإنسان، وأنْ يمتنع المطر وتجدب الأرض، وعندها لا يجد الإنسان قُوته، لا من لحوم الدواب ولا من نبات الأرض، وفي هذا إذلال للإنسان الذي يرى وسائل حياته وأسباب راحته تُسلَب منه دون أنْ يفعل شيئاً، ولا يقدر على شيء.
وحين نتتبع آيات القرآن نجد أنه تكلَّم عن هذا المعنى في موضعين:
الأول: في سورة النحل: {  وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [النحل: 61].
والآخر هنا في فاطر: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } [فاطر: 45].
قد يرى البعض في الآيتين تكراراً، وحاشا لله أن يكون في كلامه تكرار، فإذا تأملتَ لوجدتَ بينهما خلافاً، يجعل لكل منهما معناها الخاص. فالأولى تتكلم عن ظلم الناس، والأخرى عَمَّا اكتسبوه من السيئات عامة، وكل من اللفظين يعطيك لقطة جديدة لأنني قد أظلم، لكن أندم على ظلمي، ولا أفرح به، ولا أتمادى فيه، أما إنْ صار عادةً لي حتى عشقته، فهو اكتساب وافتعال بالمعنى الذي ذكرنا.
الأولى تقول: { مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا } [فاطر: 45] والأخرى: {  مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } [النحل: 61] كذلك في تذييل الآيتين، ففي الأولى يتحدث الحق سبحانه عن الزمن والأجل الذي لا يتقدم ولا يتأخر، وفي الأخرى يتحدث عن الجزاء، وأن الله تعالى بصير بأعمال عباده، لا يخفى عليه منهم شيء، إذن: فالآيتان متكاملتان، ليس فيهما تكرار أبداً.
وضمير الغائب في { مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا } [فاطر: 45] و {  مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } [النحل: 61] هذا الضمير متصل بالآية قبلها: {  ..وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [فاطر: 44] فالضمير يعود على أقرب مذكور، وهو الأرض، ويفهم هذا المرجع أيضاً بالقرينة العقلية؛ لأن المعنى ينصرف إليها.


الكلمات المفتاحية

الشعراوي القرآن تفسير الظلم الإنسان

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا ج