لماذا ندعو ربنا ولا يستجيب لنا.. سؤال على ألسنة كل الناس تقريبًا، وربما لا أحد يجيب.. لكن علينا أن نتوقف قليلاً عند قول الله عز وجل: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون»..
إذن الأمر كله يتلخص في كلمتين:
(عبادي) و(عني)
١-لابد أن تكون أولا تكون عبدًا لله.. وتدرك جيدًا هذا المعنى
٢- لابد أن تعرف جيدًا من هو الله الذي تدعوه وتسأله
كلنا عبيد لله، لكن لسنا جميعًا عُبَّاد لله .. عبيد بحكم أنَّ الله خالق كل شيءٍ فكلنا عبيد لخالق عظيم.. لكن عُبّاد فبحكم أنك عابد لخالق عرفته فأحببته فأصبح قريب، لهذا قال المولى عز وجل لإبليس : «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ».
اعرف الله أولاً
بديهيًّا قبل أن تطلب أي شيء من أحدهم لابد أولا أن تعرفه جيدًا، وتدرك أيضًا طرق الوصول له، فلو تعرفت على الله عز وجل جيدًا، وعرفت صفاته ووثقت في تدابيره ، وأفعاله وتعلمت التسليم لحكمته، وتأكدت من حُبه لك.. وفهمت طبيعة الصِلة بينك وبينه .. والحكمة من وجودك ..
حينها فقط ستكون عابدًا عارفَا (انت بتطلب إيه.. ومن مين) !.. لأنك طالما كنت إنسانًا عاديًا لم تصل بعد للعبودية لله عز وجل.. ستطلب الذي تشتهي نفسك فقط .. ولن تطلب المناسب لك !.. وهذا فرق كبير .. تأكيدًا لقوله تعالى: «وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا».
كيف تكون الإجابة؟
لكن حتى تصل للإجابة وتدركها وتتأكد من وقوعها، عليك أولا بأن تستجيب أن الله عز وجل في كل شيء، قال تعالى: «فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ».. يعني من المفترض حسب تفكيرنا البشري أن تصبح (هستجيب لكم إذا دعتوني وليس العكس) !
وهنا لُب فكرة الدعاء .. أنه لن يستجاب لك دون أن تستجيب أولا لله وتؤمن به وتكون عابد وليس مجرد عبد !
ساعتها أصلًا لن تسأل الله عز وجل سوى بالخير .. ولن ترضى سوى باختيارات الله .. فتستشعر الاستجابة في كل دعاء ولابد أيضًا أن تصل إلى الرشد في الإجابة .. تأكيدًا لقوله تعالى: «لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
والمولى عز وجل يقول في حديثه القدسي: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين».. فلو صدقت أنه ما منعك إلا ليعطيك وأدركت أن القلوب بين يدي الرحمن واستوعبت أن كل شيء ينتهي و أنك في مرحلة وهناك مراحل أخرى عديدة تنتظرك .. حينها ستدرك أن منظورك للدعاء والاستجابة ستختلف.
اقرأ أيضا:
أدعية لتيسير الأمور من القرآن الكريم والسنة النبوية.. احرص على ترديدها تفتح لك المغاليق ويلين لك الحديد