يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا»، نعم كل هذه الأماكن التي مررت بها، وفعلت بها ما فعلت، سواء من خير أو من سوء والعياذ بالله، ستشهد عليك، لذا إذا وضعت قدمك في أي مكان جديد عليك فاذكر الله.. فيتذكرك هذا المكان يوم القيامة، ويشهد بأنك ذكرت الله فيه.


يوم القيامة.. هذا اليوم الذي تحتاج فيه الشهادة بالخير لاشك، تجد فجأة مكانًا وطأت فيه قدمك، ذكرت الله فيه، أو صليت ركعات قليلة فيه، ستجده يشهد لك.. فتعمد عزيزي المسلم أن تزرع شهودك في كل مكان، وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال : « إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها ، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه الله ، فتقول الأرض يوم القيامة : رب هذا ما استودعتني ».

أهل الملامة

عزيزي المسلم، لا تكن من أهل الملامة لنفسك يوم القيامة، وهو يوم حسرة وندامة، فإذا أحسنت في مكان ما وشهد لك فقد نجوت، أما إن وطأت قدمك مكان يسكنه إبليس وصحبه، فتب إلى الله الآن قبل فوات الآوان، كما قال المولى عز وجل: «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ»، لهذا جاء التحذير الرباني واضحًا تمامًا، قال تعالى: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۖ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ»، وما كل ذلك إلا لمن سيرى عمله يوم القيامة بين يديه، وهذا كما روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه ، فإن كان محسنا فيقول : لم لا ازددت إحسانا ؟ وإن كان غير ذلك يقول : لم لا نزعت عن المعاصي».

اقرأ أيضا:

إن حرمت نعمة.. فالله حباك من نعمه الكثير (لا تغضب ولا تحزن)

تفسير النبي

الآية الكريمة: «يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا»، لم يتركها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم تمر مرور الكرام، وإنما توقف أمامها وفسرها لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (يومئذ تحدث أخبارها) فقال : « أتدرون ما أخبارها - قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا ».. إنه لأمر عظيم يشيب له الولدان، فهلا تعلمنا كيف لا نقع في خطأ كهذا، وأن نجعل من كل مكان نتواجد فيه ذكر لله ينفعنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.