أقدر مشاعرك، وألمك، وأتفهم موقفك وما تشعرين به.
للألم الذي نصادفه في حياتنا يا صديقتي على مرارته، رسالة، فهل تسلمتها؟!
رسالة آلامنا في الحياة هي "التعلم"، وهي حكمة الله من وجوده، وهو قد يحدث على الرغم من اتخاذك للأسباب المتاحة، والهدف، والوظيفة، هي "التعلم".
لذا نحن لا ننسى، حتى نتعلم، بعدها يتأخر ترتيب الأحداث المؤلمة في الذاكرة لكنها لا تنمحي، فدعي الزمن يقوم بعمله في تخفيف حدة الألم ووضعه في حجمه مع مرور الأيام.
تذكري يا صديقتي أنك "انسان"، لابد أن يحزن، ويغضب، ويتألم، ويهدأ أيضًا، ويفرح، ويتعلم، فهذا مقتضى الإنسانية، فارفقي بنفسك، وبإنسانيتك.
أما مشاعر الذنب التي هي مستولية عليك الآن، فهي مشاعر لن تفيدك بالمرة فليس هناك أي نفع من "جلد الذات".
مشاعر الذنب التي لديك ليست بسبب خطأك في حق الله فتتوبين وتستغفرين، أو في حق شخص عن موقف ما فتعتذرين، وينتهي الأمر، وإنما هي من النوع "المرضي"، نعم هي ليست مرض نفسي ولكنها تجر مجموعة من الأمراض النفسية، والاضطرابات، إذا غرقت فيها، بل وقد تدفع لتكرار الأخطاء نفسها مرات ومرات.
لقد أخطأت وأسات اختيار زوجك السابق، وأنجبت، وأوذيت وكذلك أطفالك بسبب ذلك كله، ولكن ذلك كله حدث بدون قصد، وعن غير عمد منك، فلا أحد عاقل يعرف أن هذه "تهلكة" فيلقي نفسه فيها.
صديقتي..
ما حدث قد حدث، وانتهى، فأدركي حكمة الله منها بأن تتعلمي، ولا توصلي لأبنائك المراهقين رسائل سلبية من قبيل الندم على إنجابهم، فأنت بذا تضرينهم نفسيًا، دعيهم يتعلمون منك، عندما يجدونك تحدثينهم عن التجربة وأنك أخطأت وتعلمت، نعم، تحدثي معهم عن هذا، حتى يعرفون أنهم قد يخطئون، وأنهم بشر وأنت كذلك، وأنهم عند الخطأ لابد أن يعترفوا، ويتعلموا، وفقط.
أما استغراقك في حالتك الحالية فسيعلمهم مشاعر الذنب وجلد الذات، والرفض، وكراهية أنفسهم، وستضيع عليهم فرصة التعلم من هذه الخبرة المبكرة القاسية، وسيخرجون منها مشوهين، مرتبكين، مضطربين.
صديقتي..
انتبهي لمسئوليتك عن نفسك أولًا، وأولادك ثانيًا، وانقذي نفسك سريعًا، وعيشي "هنا والآن" وكما ستكونين سيصبح أولادك، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.