أخبار

ضعف الشخصية أول طريق الغواية والحرام.. كيف توطن نفسك؟

تخيرتها جميلة ففوجئت بقبحها.. كيف نخدع أنفسنا ونفشل في الاختيار؟

إنجاز الوعد من أخلاق الكبار.. هل سمعت بهذا؟

تقدم مذهل.. العلماء يبتكرون طريقة علاج جديدة لسرطان الدم

6ثمرات يجنيها العبد المؤمن إذ صبر علي هموم الدنيا .. فرّج الله همّه، ودفع عنه الضر ورفع درجته في مقدمتها

بعد معاناة استمرت 613 يومًا.. وفاة أطول مريض في العالم بفيروس كورونا

الثبات على المبدأ.. متى تتأكد من هويتك وتثبت لنفسك أنك على الحق؟

الإخلاص كلمة السر فى قبول الأعمال.. كيف نحققه؟

سر صمت "يونس" بعد خروجه من بطن الحوت

خطيبي يسألني عن مرتبي ومشاركتي في مصروفات البيت وأنا تضايقت ولذت بالصمت.. ما العمل؟

السخرية سلوك مذموم نهى عنه القرآن.. تأدب مع الخالق ولاتذم صنعته (الشعراوي)

بقلم | فريق التحرير | السبت 28 نوفمبر 2020 - 02:56 م

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الحجرات: 11)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


نلاحظ هنا أن القرآن وجَّه النهي إلى القوم مرة، وإلى النساء مرة، وخَصَّ كُلاًّ منهما بنهي، ذلك لأن كلمة قوم لا تُقال إلا للرجال، لأنهم هم الذين يقومون على شئون الأسرة، أما المرأة فليس لها قيامٌ إلا على بيتها، يقول الشاعر:
وَمَا أدْري وَلْستُ إخَالُ أدْري أقوْمٌ آلُ حِصْن أمْ نِسَاءُ
إذن: القوم تُقال للنساء وفي آية أخرى قال تعالى: { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ... } [النساء: 34] البعض يفهم من كلمة { قَوَّٰمُونَ } أنها للقهر وللضرب، أبداً، بل الرجال قوَّامون على النساء. يعني: يقومون على رعايتهن وتدبير أمورهن.

لذلك نقول للمرأة (ست بيت) فكأن الرجل هو الخادم الراعي لها، ونحن نقول: فلان قائم بهذا الأمر. يعني: يتولى العمل الشاقَّ فيه. تذكرون في قصة سيدنا آدم لما أسكنه اللهُ الجنةَ هو وزوجه، وحدثتْ من آدم المخالفة لأمر الله، قال تعالى: { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } [طه: 117] هذا خطاب لآدم وحواء.

الكدح والشقاء للرجل 


والقاعدة أن يقول (فتشقيا) بالتثنية، لكن قال { فَتَشْقَىٰ } أي: آدم وحده، لأن مهمة الكدح والشقاء وتحمُّل مسئولة الأسرة للرجل فقط، اما المرأة فهي للبيت ولها دور فيه ودور هام يملأ كلَّ لحظة في حياتها، لكن ماذا نفعل وهُنَّ يُردْنَ أنْ يشقيْنَ مع الرجال؟

والنهي عن السخرية في هذه الآية له سببٌ في الرجال، وله سببٌ في النساء: " فيُروى أن ثابت بن قيس دخل على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الصفَّ الأول قد اكتمل، وأراد أنْ يجلس في الصف الأول لأنه كان ثقيل السمع، فجاء إلى رجل من ضعفاء القوم وقال له: تزحزح فلم يتزحزح، فقال له: منْ أنت؟ قال: فلان، قال: ابن فلانة؟ وكانت لها سيرة سيئة بين الناس، وسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من قال ابن فلانة؟ قال: أنا يا رسول الله، فقال: انظر في مجلسنا فنظر فيه، فقال له: ماذا رأيتَ؟ قال: رأيت الأسود والأبيض والأحمر. قال: أفضلكم عند الله أتقاكم ".

ثم لم ينس الرجل الذي قيل له تفسح فلم يتفسح، ونزل في حقِّه قوله تعالى:{ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ... } [المجادلة: 11].

ويُروَى أن السيدة أم سلمة كانت قصيرة، وفي مرة أصابها وجع في رجلها فربطتها بقطعة من القماش، وكان فيها بقية تتدلَّى على الأرض تجرُّها خلفها، فرأتها على هذا الحال السيدة عائشة والسيدة حفصة. فقالت إحداهن للأخرى: تمشي ولها ذيل كذيل الكلب. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية.

لذلك يقول الحق سبحانه في يوم القيامة: " جعلت نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلتُ أكرمكم عند الله أتقاكم فأبْيتم وقُلْتم: أكرمنا فلان ابن فلان، فاليوم - أي يوم القيامة - أرفع نسبي وأضَعُ أنسابكم ".

ودخل رجل أعرج على أحدهم، فراح ينظر إليه نظرة سخرية لعرجته، ففهم الأعرجُ قصده، فقال له: أتعيب الصَّنعة أم تعقيب الصانع؟ فأفحمه حتى ندم على سُوء أدبه معه، وقال: والله لوددتُ عندها أنْ أكون أنا مثله وهو مثلي.

نهي عن السخرية 


والحق سبحانه وتعالى حينما ينهانا عن السخرية، إنما يريد المساواة بين جميع خَلْقه، فالخَلْق جميعاً خَلْقه وصنعته وعبيده، وليس فيهم من هو ابن الله، ولا مَنْ بينه وبين الله قرابة، فلِمَ إذن يسخر بعضنا من بعض؟

إياك والسخرية من الناس مهما كانوا أقلّ منك، عليك إنْ رأيت عيباً في دين أو خُلق أنْ تُقوِّمه وتُصلح من شأنه ما استطعت.

وإذا كان العيبُ في الخَلْق، وفيما لا دخْلَ للمخلوق فيه فتأدَّبْ مع الخالق، والله لو علمتم ما جعله الله للمؤوف - يعني: مَنْ به آفة - لتمنيتم جميعاً أنْ تكونوا مؤافين، فإن الله تعالى ليس له ولد، بل وزَّع أسبابَ فضله على عباده، فإنْ أخذ من واحد منهم شيئاً فقد عوَّضه خيراً منه.

والسخرية والاستهزاء لا يكونان إلا من إنسان عَلا في شيء أمام إنسان نقص في هذا الشيء كأن يسخر الغنيُّ من الفقير، أو القوي من الضعيف، أو سليم التكوين من المعاق.. وهذا السلوك نتيجة الغفلة عن ميزان التفاضل بين الخلق جميعاً، ألا وهو التقوى.

وقلنا: إنك لو نظرتَ في الوجود كله لوجدتَ فيه قضية عادلة، هي أن كل إنسان منَّا، مجموع نعم الله عليه تساوي مجموع أيِّ إنسان آخر، لأن الخالق سبحانه وزَّع فضله على عباده لكن هذا أخذ 100% في العقل وهذا أخذ 100% في الصحة لكن المجموع في النهاية متساوٍ.

ذلك لأن الله تعالى لا يريد نسخاً مكررة من البشر، إنما يريدنا متفاوتين في المواهب لتستقيم بنا حركة الحياة وتتكامل ويرتبط البشر ببعض ارتباط حاجة، لذلك قلنا إن الباشا قد يحتاج إلى عامل المجاري.

فقوله تعالى: { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ... } [الأنعام: 165] يعني كل منا مرفوع في شيء، ومرفوع عليه في شيء آخر. تعلمون أن بتهوفن الموسيقي الشهير كان أصم لا يسمع، وأن تيمور لنك الذي دوَّخ الدنيا بالفتوحات كان أعرج.

الكل سواسية 


هذا يعني أنك لا تسخر من أحد، ولا تحتقر أحداً لأنك رأيته أقلَّ منك في شيء ما، فكلنا سواسية في ميزان الحق سبحانه، وكأنه سبحانه يريد أنْ يعطينا درساً في أنه سبحانه ليس له ولد وليس له صاحبة.

لذلك كانت الجن أفضل فهماً منا حين قالت: { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 3] فكلنا عيال الله، بل تبلغ هذه المساواة إلى أن رسول الله يأمرنا بأنْ نسوِّيَ بينَ أولادنا ولو في القُبلة.وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا كيف نتصرف إذا ما حدث بيننا شيء من التهكم أو السخرية، وكيف نقابله ونردّ عليه.

الغيرة بين زوجات النبي


فيُروي في سبب نزول هذه الآية " أن السيدة صفية بنت حُيي بن أخطب، وكان زعيم بني المصطلق، ولما غزاهم رسول الله كانت السيدة صفية في الأسرى فأراد صلى الله عليه وسلم أنْ يُكرمها لأنها بنت ملكهم فتزوجها فغارت منها نساء النبي، والغيرة كما يقولون (فقاقيع) الحب.

وكانت عائشة أكثر زوجات الرسول غيرةً عليه، فقالت لصفية: يا يهودية بنت يهوديين، فذهبت صفية باكية إلى رسول الله وحكتْ له ما كان من عائشة، فضحك رسول الله لأنه يعلم غيرة عائشة عليه.

لذلك لم يُؤنِّب عائشة، إنما أرضى صفية وطيَّب خاطرها وقال لها: إنْ قالت لك هذا فقُولي لها: ولكن آبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد.

انظر كيف عالج سيدنا رسول الله هذا الموقف. وكيف أعلى من شأن صفية، فهب سليلة الرسل والأنبياء وزوجة نبي، نعم رد يفحم ولا يخطر على بال أحد، ولم لا وقد أُوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ".

ومثل هذا الموقف أيضاً حدث " من السيدة عائشة للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله، حيث كانت تغار من السيدة خديجة، ومن ثناء رسول الله عليها في كل موقف، حتى قالت له: ماذا يعجبك في عجوز شمطاء حمراء الشدقين، قد أبدلك الله خيراً منها؟ كيف ردَّ رسول الله؟ قال لها: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، فقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذا كذنبي الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء".

وبعد ذلك لما قابلت فاطمة قال لها: لا يغرنّك ثناء رسول الله على أمك، فقد تزوجها ثيِّباً وتزوجني بكْراً، فلما اشتكتْ لرسول الله قوْلَ عائشة قال لها: إذا قالت لك هذا فقولي لها: ولكن أمي تزوجت رسول الله بكْراً وأنت تزوجته ثيباً ".

والبعض يقول: كيف يحدث كل هذا في بيت رسول الله؟ نقول: نفهم من هذه الغيرة إلى جانب أنها علامة الحب لسيدنا رسول الله، إلا أنها أيضاً تعني أن عائشة التي تزوجها رسول الله وهي بنت التاسعة، ومع ذلك كانت تغار على كِبره، وهذا يعني أنه صلى الله عليه وسلم غير مزهود فيه.

اللمز والتنابز المنهي عنه

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ... } [الحجرات: 11] هنا نَهْى عن صفة أخرى مذمومة لا تليق بأهل الإيمان، هي صفة اللمز وهو أنْ تعيب الآخرين، وتأمل دقة الأداء القرآني في قوله: { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ... } [الحجرات: 11] والإنسان لا يلمز نفسه إنما يلمز غيره، لكنه أنزل الآخرين منزلة الإنسان نفسه، ثم إنك حين تلمز الناس تُجرّئهم على أنْ يملزوك، على حَدِّ قول الشاعر:

لسَانُكَ لاَ تَذْكُر بِهِ عَوْرَةَ امْرِيء فكُلُّكَ عَوْراتٌ وللنَّاسِ ألْسُنُ
وَعَيْنكَ إنْ أبدَتْ إليْكَ مَسَاوِئاً فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أعيُنُ

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ... } [النور: 61] لأنك حين تُسلِّم على الناس يريدون عليك السلام فكأنك سلَّمتَ على نفسك.

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ... } [الحجرات: 11] نهى آخر عن التنابز بالألقاب. أي: لا يدع أحدكم أخاه بلقب يكرهه، والتنابز من نبز الشيء يعني: أبعده وتركه، كذلك حين تنادي شخصاً بلقب يكرهه، فكأنك تبعده عنك وتُوسع الفجوة بينك وبينه.

والأسماء عندنا في اللغة اسم ولقب وكُنية: الاسم هو ما يُطلق على المسمى فيصير عَلَماً مثل محمد. واللقب هو ما يُشعِر بمدح أو ذم مثل الصِّديق، أو أن نسمي أحد الضعفاء مثلاً (سليمان بطة)، أما الكُنْية فهي ما صُدِّرتْ بأب أو أم. مثل أبي بكر، أم المؤمنين.

التنابز يزرع الأحقاد في النفوس


إذن: لا يجوز أنْ ننادي شخصاً مثلاً بلفظ مكروه وهو لا يحبه ولا يحب أن يُنادى به، من ذلك ما ذكرناه من قول عائشة لصفية: يا يهودية. والتنابز بالألقاب يزرع الأحقاد والضغائن، ويهيج الغرائز والغضب عليك، ولم لا تناديه بأحب الأسماء إليه لتعطفه إليك.

حتى أن الفقهاء قالوا: إذا أذنب الرجل ذنباً ثم تاب منه إياك أنْ تُذكِّره به أو تُعيِّره به، لأن ذلك يُعدُّ قذفاً له، إلى جانب أنك تعين عليه الشيطان، كمن تاب عن الخمر ونقول له (يا خمورجي)، أو تاب عن القمار ونقول له (يا قمرتي) وهكذا.

لذلك قال بعدها: { بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ... } [الحجرات: 11] يعني: بئس ما تقول لأخيك حينما تُذكِّره بماض يريد أنْ ينساه، وقبيح بك أنْ تُعيِّره بعد أنْ تاب، كما أنه قبيحٌ بك الفسوق بعد الإيمان.

{ وَمَن لَّمْ يَتُبْ... } [الحجرات: 11] يعني: عن التنابز بالألقاب { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ... } [الحجرات: 11] نعم ظالمون لأنفسهم بعد اتباع المنهج في هذا النهي، وظالمون لغيرهم حين ينادونهم بهذه الألقاب المكروهة، فمن حَقِّ الذي تاب ألاَّ تذكره بعبيه، وألاَّ تُعيّره به.


الكلمات المفتاحية

الغيرة بين زوجات النبي اللمز والتنابز المنهي عنه نهي عن السخرية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ