كان للعرب عادات غريبة يحتكمون إليها إذا نزلت بهم الملمات والأزمات، ومن ضمن هذه العادات هو الاحتكام إلى الكاهن.
وقد وقعت أزمة بين السيدة هند بنت عتبة وزوجها الأول الفاكه بن المغيرة، ما دفع أبوها وهو سيد قريش عتبة بن ربيعة للاحتكام إلى الكاهن ليثبت شرف ابنته.
أصل القصة:
كانت هند بنت عتبة بن ربيعة متزوجة من الفاكه بن المغيرة قبل أبي سفيان بن حرب.
وكان الفاكه من فتيان قريش وكان له بيت ضيافة خارجا عن البيوت تغشاه الناس من غير إذن.
فحدث ذات يوم أن البيت خلا من الناس واضطجع فيه هو وهند، ثم نهض لحاجة فأقبل رجل ممن كان يغشى البيت فدخله.
فلما رأى هندا رجع هاربا، فلما نظره الفاكه دخل عليها فضربها برجله وقال لها: من هذا الذي خرج من عندك؟
قالت: ما رأيت أحدا قط وما انتبهت حتى أنبهتني، قال: فارجعي إلى بيت أبيك وتكلم الناس فيها.
فقال أبوها: يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك الكلام فإن يكن الرجل صادقا دسيت عليه من يقتله لينقطع كلام الناس، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن.
فقالت له: لا والله ما هو علي بصادق.
فقال له: يا فاكه إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.
فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم وخرج أبوها في جماعة من بني عبد مناف ومعهم هند ونسوة.
اقرأ أيضا:
مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمانحيلة ذكية من والد هند:
فلما شارفوا البلاد قالوا: غدا نرد على هذا الرجل فتغيرت حالة هند فقال لها أبوها: إني أرى حالك قد تغير وما هذا إلا لمكروه عندك.
فقالت: لا والله، ولكن أعرف أنكم تأتون بشرا يخطىء ويصيب ولا آمنه أن يصفني بوصف تكون عليّ سبّة.
فقال لها: لا تخشي فسوف أختبره، فصفّر لفرسه حتى أدلى ذكره ثم أدخل في ذكره حبة قمح وربطه فلما أصبحوا قدموا على الرجل فأكرمهم، ونحر لهم فلما تغدوا قال له عتبة: قد جئناك في أمر وقد خبأنا لك خبيئة نختبرك بها.
قال: خبأتم لي ثمرة في كَمرة. قال: إني أريد أبين من هذا.
قال: حبة بر في إحليل مهر، قال: فانظر في أمر هؤلاء النسوة، فجعل يأتي إلى كل واحدة منهن ويضرب بيده على كتفها ويقول لها: انهضي.
براءة هند:
فلما جاء دور هند قال: انهضي غير متهمة بشيء وستلدين ملكا اسمه معاوية.
وعندما تبين براءتها نهض إليها الفاكه فأخذ بيدها، فجذبت يدها من يده وقالت: إليك عني فو الله إني لأحرص أن يكون ذلك من غيرك.
فتزوجها أبو سفيان فولدت منه أمير المؤمنين معاوية رضي الله تعالى عنه.