عزيزي المسلم، هل أصبحت الأخلاق من الكماليات؟.. أم هل أصبحت بالفعل مسألة هامشية في حياة المسلمين؟.. أم هي بالفعل صورة تطبيقية للإيمان الحق؟، فإذا كانت كذلك، كيف بنا نعلي من شأنها ليدرك الجميع أن الأخلاق إنما هي أهم أعمدة الدين، وبناء الشعوب وتقدم الأمم، وكيف بنا نعلم أبناءنا أن الأخلاق مرتبطة ارتباط وثيق بعلو الفضائل وشرف السلوكيات؟.. علينا فقط أن نعلمهم كيف كانت أخلاق نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، الذي أكدها مرارًا أنه بعث ليتم مكارم الأخلاق.. إذن الأخلاق موجودة لكنه صلى الله عليه وسلم رسالته الأهم هي إتمامها.. فهل نحن أتممناها ونحن على نهجه ودربه عليه الصلاة والسلام؟.. أم أننا غفلنا عنها فباتت حياتنا أشبه بالمضي قدمًا في كهف مظلم لا نهاية له؟.

الأخلاق عبادة

الإسلام لم يعتبر من الأخلاق سلوكًا يختلف من شخص لآخر، وإنما هي عبادة يجب على الكل أن يعتادها ويحافظ عليها لأن من يغفل عنها إنما يقع في ذنب كبير، فقد جعلها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أساس الخيرية والتفاضل يوم القيامة، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: «إن أحبكم إلي، وأقربكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إلي وأبعدَكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا، الثرثارون المتفيهقون المتشدقون».. وكذلك جعل صلى الله عليه وسلم، أجر حسن الخلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقل منه، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق».. بل أنه وصل به الأمر أن جعل أجر حسن الخلق كأجر العبادات الأساسية، من صيام وقيام، فقال: «إن المؤمنَ ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم».

اقرأ أيضا:

الأدلة على أن النبي يردّ السلام على من يُسلم عليه!

أهم وسائل دخول الجنة

أيضًا حسن الخلق من أهم وسائل دخول الجنة، فقد سئل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: «تقوى الله وحسن الخلق»، وفي حديث آخر ضمن لصاحب الخلق دخول الجنة، بل أعلى درجاتها، فقال: «أنا زعيم ببيت في ربضِ - أطراف - الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».. وما ذلك عزيزي المسلم إلا لأن الأخلاق هي المؤشر على استمرار الأمم أو انهيارها، ويدل على هذه القضية قوله تعالى: « وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا » (الإسراء: 16).