أخبار

جدد إيمانك.. الأدلة العقلية على وجود الله.. بنظرية رياضية استحالة وجود الكون بالصدفة

احرص على هذه العبادات .. تسعد في دنياك وأخرتك

ليست الكهف وحدها..8 سور يستحب قراءتها أو سماعها يوم الجمعة لها فضل عظيم

الصلاة على رسولنا المصطفى يوم الجمعة.. فضلها وعددها وصيغها ووقتها

فضائل التبكير إلى صلاة الجمعة.. أعظمها رقم (6)

أفضل ما تدعو به وأنت ذاهب لصلاة الجمعة

احرص على هذا الأمر في صلاة الجمعة يقربك من الجنة!

فضل اغتسال يوم الجمعة خاص بالمتزوجين فقط .. هل هذا صحيح؟

سنن وآداب وأدعية يوم الجمعة

للحصول على نوم جيد.. كل ولا تأكل (نصائح لا تفوتك)

الله خلقنا من نفس واحدة.. ما الدليل على ذلك؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الاحد 28 مارس 2021 - 03:31 م

{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: 72].


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


الحق سبحانه في الآية السابقة قنَّن لنا قضية القمة ـ قضية العقيدة ـ في أننا لا نعطي شيئاً جعله الله لنفسه سبحانه من العبودية والألوهية والطاعة وغيرها، لا نعطيها لغيره سبحانه.. وإذا صَحَّتْ هذه القضية العَقدية صَحَّتْ كل قضايا الكون.

ثم بيَّن سبحانه أنه خلقنا من واحد، ثم خلق من الواحد زوجة له، ليتم التناسل والتكاثر.. إذ إن استمرارَ بقائكم خاضعٌ لأمرين:

الأمر الأول: استبقاء الحياة، وقد ضمنه سبحانه بما أنعم به علينا من الأرزاق، فنأكل ونشرب فنستبقي الحياة، فبعد أنْ تحدّث عن استبقاء الحياة بالرزق في الآية السابقة ذكر:

الأمر الثاني: وهو استبقاء الحياة ببقاء النوع، فقال سبحانه: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً... } [النحل: 72].

والأزواج: جمع زوج، والزوج لا يعني الرجل فقط، بل يعني الرجل والمرأة؛ لأن كلمة (زوج) تُطلَق على واحد له نظير من مثله، فكلُّ واحد منهما زَوْج.. الرجل زوج، والمرأة زوج، فتُطلق إذن ـ على مُفْرد، لكن له نظير من مثل.

من نفس واحدة


و { مِّنْ أَنْفُسِكُمْ } [النحل: 72]. أي: من نَفْس واحدة، كما قال في آية أخرى: { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا... }[الزمر: 6]. يعني: أخذ قطعة من الزوج، وخلق منها الزوجة، كما خلق سبحانه حواء من آدم ـ عليهما السلام.

أو: { وَخَلَقَ مِنْهَا.. }[النساء: 1]. أي: من جنسها، كما قال تعالى: { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ.. } [التوبة: 128]. أي: من جنسكم.

فالمسألة تحتمل المعنيين.. مَن اتسع ظنُّه إلى أن الله خلق حواء من ضِلع آدم أي: منه، من بعضه فلا مانع، ومَنْ قال: خلق الله حواء كما خلق آدم خَلْقاً مستقلاً، ثم زَاوَج بينهما بالزواج فلا مانع.. فالأول على معنى البَعْضية، والثاني على معنى من جنسكم.

قلنا: إن الجمع إذا قابل الجمع اقتضت القسمةُ آحاداً.. كما لو قال المعلم لتلاميذه: أخرجوا كتبكم، فهو يخاطب التلاميذ وهم جمع. وكتبهم جمع، فهل سيُخرِج كل تلميذ كُتب الآخرين؟!.. لا.. بل كل منهم سيُخرج كتابه هو فقط.. إذن: القسمة هنا تقتضي آحاداً.. وكذلك المعنى في قوله تعالى: { خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً... } [الروم: 21]. أي: خلق لكل منكم زَوْجاً.

ولكي نتأكد من هذه الحقيقة، وأن الخَلْق بدأ بآدم عليه السلام ـ نردُّ الأشياء إلى الماضي، وسوف نجد أن كُلَّ متكاثر في المستقبل يتناقص في الماضي.. فمثلاً سُكّان العالم اليوم أكثر من العام الماضي.. وهكذا تتناقص الأعداد كلما أوغلنا في الماضي، إلى أن نصلَ إلى إنسان واحد هو آدم عليه السلام ـ ومعه زوجه حواء، لأن أقلَّ التكاثر من اثنين.

إذن: قوله سبحانه: { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا.. } [النساء: 1]. كلام صحيح يؤيّده الاستقراء والإحصاء.

لذلك يمتنُّ ربّنا سبحانه علينا أنْ خلقَ لنا أزواجاً، ويمتنُّ علينا أن جعل هذا الزوج من أنفسنا، وليس من جنس آخر، لأن إلْفَ الإنسان وأنْسه لا يتم إلا بجنسه، وهذه من أعظم نعم الله علينا، ولك أن تتصوَّر الحال إذا جعل الله لنا أزواجاً من غير جنسنا!! كيف يكون؟!

هذا الزوج اشترك معنا في أشياء، واختلف عنّا في شيء واحد، اتفقنا في أشياء: فالشكل واحد، والقالب واحد، والعقل واحد، والأجزاء واحدة: عينان وأذنان.. يدان ورجْلان.. الخ، وهذا الاشتراك يُعين على الارتقاء والمودة والأنْس والألْفة.

واختلفنا في شيء واحد هو النوع: فهذا ذكر، وهذه أنثى. إذن: جمعنا جنس، وفرَّقنا النوع لِيتمّ بذلك التكامل الذي أراده سبحانه لعمارة الأرض.

وهناك احتمال أن يتحوَّل الذكر إلى أنثى أو الأنثى إلى ذكر، لذلك خلق الله الاحتياط لهذه الظاهرة، كأنْ يكونَ للرجل ثَدْي صغير، أو غيره من الأعضاء القابلة للتحويل، إذا ما دَعَتْ الحاجة لتغيير النوع.. فهذا تركيب حكيم وقدرة عالية.
الألفة والمحبة بين الناس

إذن: { مِّنْ أَنْفُسِكُمْ... } [النحل: 72]. ليزداد الإلْف والمحبة والأُنْس والمودّة بينكم؛ ولذلك نجد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام ـ والهدهد، حينما تفقَّد الطير وعرف غياب الهدهد قال: { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }[النمل: 21].

وهذا سلطان الملْك الذي أعطاه الله لسليمان.. قالوا في: { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً.. } [النمل: 21].

أي: يضعه في غير جنْسه.. إذن: وَضْعه في غير جنسه نوع من العذاب.. وتكون (من أنفسكم) نعمة ورحمة من الله.

وفي الآية الأخرى يذكر سبحانه عناصر ثلاثة لاستبقاء العلاقة الزوجية، فيقول تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[الروم: 21].

ولو تأملنا هذه المراحل الثلاثة لوجدنا السكن بين الزوجين، حيث يرتاح كُلٌّ منهما إلى الآخر، ويطمئن له ويسعد به، ويجد لديه حاجته.. فإذا ما اهتزتْ هذه الدرجة ونفرَ أحدهما من الآخر جاء دور المودّة والمحبة التي تُمسِك بزمام الحياة الزوجية وتوفر لكليهما قَدْراً كافياً من القبول.

فإذا ما ضعف أحدهما عن القيام بواجبه نحو الآخر جاء دور الرحمة، فيرحم كل منهما صاحبه.. يرحم ضَعْفه.. يرحم مرضه.. وبذلك تستمر الحياة الزوجية، ولا تكون عُرْضة للعواصف في رحلة الحياة.

فإذا ما استنفدنا هذه المراحل، فلم يَعُدْ بينهما سَكَن ولا مودّة، ولا حتى يرحم أحدهما صاحبه فقد استحالتْ بينهما العِشرة، وأصبح من الحكمة مفارقة أحدهما للآخر.

الطلاق أبغض الحلال 


وهنا شرع الحق سبحانه الطلاق ليكون حلاً لمثل هذه الحالات، ومع ذلك جعله ربنا سبحانه أبغض الحلال، حتى لا نقدم عليه إلا مُضطرِّين مُجْبرين.

وقوله تعالى: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً.. } [النحل: 72].

البنون هم الحلقة الأولى لاستبقاء الحياة، والحفَدة وهم وَلَدُ الولد، هم الحلقة الثانية لاستبقاء الحياة؛ ذلك لأن الإنسان بطبْعه يحب الحياة ويكره الموت، وهو يراه كل يوم يحصد النفوس من حَوْله.. فإيمانه بالموت مسألة محققة، فإذا ما تيقَّن أن الحياة تفوته في نفسه أراد أنْ يستبقيَها في وَلَده.. ومن هنا جاء حُبُّ الكثيرين مِنَّا، للذكور الذين يُمثِّلون امتداداً للآباء.

فإذا ما رزقه الله الأبناء، وضمن له الجيل الأول تطلّع إلى أنْ يرى أبناء الأبناء؛ ليستبقي الحياة له ولولده من بعده؛ ولذلك فالشاعر الذي يخاطب ابنه يقول له: أبُنيّ.. يَا أنَا بَعْدَمَا أَقْضِي، وهذه هي نظرة الناس إلى الأولاد، أنهم ذِكْر لهم بعد موتهم.. وكأن اسمه موصولٌ لا ينتهي.

ويقول الله تبارك وتعالى:{ بَنِينَ وَحَفَدَةً... } [النحل: 72]. تدلُّنا على ضرورة الحرص على اندماج الأجيال.. زوجين، ثم أبناء وحفدة.. فما فائدة اندماج الأجيال؟ ما فائدة المعاصرة والمخالطة بين الجدِّ وحفيده؟

نلاحظ أن الوليد الصغير يبدأ عنده الإدراك بمجرد أنْ تعملَ وسائل الإدراك عنده، فيبدأ يلتقط مِمَّنْ حوله ويتعلَّم منهم.. فإذا كان له أخوة اكبر منه تعلّم منهم مثلاً بابا.. ماما.. فإذا لم يكُنْ له أخوة نُعلّمه نحن هذه الكلمات.

ولذلك نرى الطفل الثاني أذكى من الأول، والثالث أذكى من الثاني.. وهكذا لأنه يأخذ ممَّنْ قبله وممَّنْ حوله، فيزداد بذلك إدراكه، وتزداد خبراته ومعلوماته.

ولنتصور أن هذا الابن أصبح أباً، وجاء الحفيد الذي يعاصر الجيلين؛ جيل الأب وجيل الجدِّ، يشبّ الصغير في أحضانهما، فتراه يأخذ من أبيه نشاطه في حركة الحياة وسَعْيه للرزق.

اقرأ أيضا:

من هو النبي الذي أضاعه قومه؟

من جيل لآخر تستمر الحياة 



في حين أنه يأخذ من جَدِّه القيم الدينية حيث الجد في البيت باستمرار بعد أن تقدَّم به العمر فأقبل على الطاعة والعبادة.. فيسمع منه الصغير قراءة القرآن.. متى يؤذن للظهر.. يا ولد هات المصحف.. يا ولد هات السجادة لأصلي، إلى غير هذه من الكلمات التي يأخذ منها الصغير هذه القيم.

إذن: الحفيد يلتقط لوناً من النشاط والحركة في جيل أبيه، ويلتقط لوناً من القيم في جيل جَدِّه؛ ولذلك فإن ابتعاد الأجيال يُسبِّب نقصاً في تكوين الأطفال، والحق سبحانه يريد أنْ تلتحمَ الأجيال لتكتمل للطفل عناصر التربية بين القيم المعنوية والحركة والنشاط.

وقوله تعالى: { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ... } [النحل: 72]. الطيبات في الرزق الذي جعله الله لاستبقاء الحياة، وفي الزواج الذي جعله الله لاستبقاء النوع.

ثم يقول تعالى: { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } [النحل: 72]. الباطل: هو الأصنام التي اتخذوها من دون الله.

وفي الآية استفهام للتعجُّب والإنكار.. كيف تكفرون بنعمة الله وقد خلقكم في البَدْء من نفس واحدة، وخلق منها زوجها.. وجعل لكم من أنفسكم أزواجاً.. وجعل بينكم سكناً ومودة ورحمة، ثم جعل لكم البنين والحفدة، ورزقكم من نِعم الحياة ما يستبقي حياتكم، ومن نِعَم الأزواج ما يستبقي نوعكم، وجعلكم في نعمة ورفاهية.. خلقكم من عدم، وأمدَّكم من عُدم.

أبعد ذلك كله تجحدون نعمته وتكفرونها، وبدل أنْ تُقبِلوا عليه وتلتفتوا إليه تنصرفون إلى عبادة الأصنام التي لا تضرُّ ولا تنفع.. وهل عملتْ لكم الأصنامُ شيئاً من ذلك؟! هل أنعمتْ عليكم بنعمة من هذه النعم؟!

هذه الأصنام محتاجة إليكم.. تأخذ منكم ولا تعطيكم.. فهذا مائل يريد مَنْ يقيمه.. وهذا كُسِر يحتاج لمن يُصلحه.. انقل الإله.. ضَع الإله في مكان كذا.. الخ.


الكلمات المفتاحية

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسير القرآن خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا أصل الخلق

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِال