كتمان الأسرار يدل على جواهر الرجال، وكما أنه لا خير في آنية لا تمسك ما فيها، فكذلك لا خير في إنسان لا يمسك سره.
واعلم أن أمناء الأسرار أقل وجودا من أمناء الأموال، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار، لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأفعال، وإحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق ويشيعها كلام سابق.
وحمل الأسرار أثقل من حمل الأموال فإن الرجل يستقل بالحمل الثقيل، فيحمله ويمشي به، ولا يستطيع كتم السر.. وإن الرجل يكون سره في قلبه، فيلحقه من القلق والكرب ما لا يلحقه من حمل الأثقال، فإذا أذاعه استراح قلبه، وسكن خاطره، وكأنما ألقى عن نفسه حملا ثقيلا.
وجاء في الحديث: " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود".
1-قال علي رضي الله عنه وكرم وجهه: سرّك أسيرك فإذا تكلمت به صرت أسيره.
2- وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: القلوب أوعية والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كل إنسان مفتاح سره.
3- ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزائنها كان أوثق لها، وأما الأسرار فإنها كلما كثرت خزائنها كان أضيع لها، وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنعه من بلوغ مآربه ولو كتمه أمن عاقبته.
4- وقال كسرى أنوشروان: من حصّن سره، فله بتحصينه خصلتان، الظفر بحاجته، والسلامة من السطوات.
5- وقيل: كلما كثرت خزان الأسرار، زادت ضياعا.. انفرد بسرك لا تودعه حازما فيزل، ولا جاهلا فيخون.
6- وأسرّ رجل إلى صديقه حديثا، ثم قال له أفهمت؟ قال: بل جهلت. ثم قال له: أحفظت؟ قال: بل نسيت.
7- وقيل لبعضهم: كيف كتمانك للسر؟ قال: أجحد المخبر، وأحلف للمستخبر.
 8- وقال المهلب: أدنى أخلاق الشريف كتمان السر وأعلى أخلاقه نسيان ما أسر إليه.
9- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ما أفشيت سري إلى أحد قط، فأفشاه، فلمته إذ كان صدري به أضيق.
10- وقال الأحنف بن قيس: يضيق صدر الرجل بسره، فإذا حدث به أحدا قال: اكتمه علي.

اقرأ أيضا:

غير الصديق أبي بكر.. قال جبريل للنبي: أخبره أنه عند الله اسمه "الصادق"