كثير منا تراه أضناه الهجر، ومع ذلك لا يدري كيف يصل الود مجددًا، إذ يخشى أن يحسب عليه الأمر نزول على كرامته، أو ربما يكسفه من يريد وصله.. فتكون النتيجة مزيدًا من الهجر، وربما قطيعة إلى الأبد.. فكيف إذن يكون الوصل دون هذه المشاكل؟..
عن سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : « قال الله تبارك وتعالى : أنا الله وأنا الرحمن ، خلقت الرَّحِم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته»، فإذا كان الله عز وجل يعد بأن من يصل رحمه لابد أن يصله الله، فكيف بك تخشى الإحراج.. لو كنت متوكلا على الله جل التوكل، واستعنت به كل الاستعانة، لا يمكن أن تعود خالٍ الوفاض، فتلك هي المعادلة.
لا تتردد
عزيزي المسلم، لو تعلم مدى فضل صلة الرحم ما ترددت أبدًا في وصلها، وقد وردت أحاديث كثيرة تُرغب وتحث على أهمية وضرورة صلة الرحم وتبين وتؤكد مدى أجرها وثوابها ، فصلة الرحم شعار المؤمنين بالله واليوم الآخر ، وفي الحديث يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه »، ولما لا وهي من أعظم أسباب زيادة الرزق والبركة في العمر ، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : « من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه »، وعند الإمام الترمذي رضي الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر ».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟أحب الأعمال إلى الله
عزيزي المسلم، صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، وهي أيضًا توجب صلة الله للواصل ، وتتابع إحسان الله وخيره وعطائه على العبد ، كما دل ذلك الحديث القدسي الذي بدأنا به الموضوع ، وهي من أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان بالله.
وفي الحديث النبوي الشريف، يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم».. انظر إلى كل هذا الفضل العظيم، فكيف بك تتردد؟.. تعلم كل هذه المكاسب وتخشى أن يكسفك من قطعته؟.. فما بال نفسك وهواك يسوقونك إلى مصير معتم، وما بال الشيطان يمنعك بدعوى الكسوف، انسى كل ذلك، واتبع قلبك وعقلك، واختر رحمات الله الكثيرة، فلا يمكن أبدًا أن يعيدك الله مكسوفًا أو مكسور الخاطر، وأنت نيتك تحمل كل الخير.