الإسلام دين عالمي، لا يقف أمام جنس أو نوع أو أمة مهما كانت، فقد وصل إلى غياهب إفريقيا، وإلى أقصى آسيا، وأبعد مكان في حوض نهر الأمازون بأمريكا اللاتينية، ولم لا وهو بالأساس دين الله للعالم أجمع.
ولهذا فقد أكدت النصوص القرآنية، في أكثر من موضع وآية، بعالمية رسالة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: «إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ» (الأنعام:90)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ » (الأنبياء:107)، وقال عز وجل في كتابه الكريم: «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا» (الفرقان:1)، إذن هو دين عالمي وهذا الأمر لا يحتاج لإثبات لأنه ثابت بالقرآن الكريم، وبالأحاديث النبوية المتواترة عن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، فضلا عن وصول الإسلام بالفعل إلى كل مكان في العالم أجمع.
التنذير
النذير الذي أنزله الله عز وجل على قلب نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، لم يكن يختص قريش فقط، ولا المنطقة العربية فقط، وإنما العالم أجمع، لذلك أرسل رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، رسائل عديدة إلى كل ملوك وأمراء وحكام الأرض للإيمان بالله عز وجل طواعية، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ» ( الشورى 7)، أي أن الرسالة وقد نزلت بلغة العرب، إلا أنها تعني العالم أجمع وليس العرب وحدهم، وكأن الله عز وجل يقول لنبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم: لقد أوحينا إليك هذا القرآن بألسنة قومك من العرب، ليفهموا ما فيه من حجج الله وذكره، لأن الله لا يرسل رسولا إلا بلسان قومه، ليبين لهم (لتنذر أم القرى) وهي مكة (ومن حولها)، ومن حول أم القرى من سائر الناس أجمعين.
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟العموم والشمول
بالتالي نزول القرآن باللغة العربية لا يعني اقتصاره على العرب وحدهم، وإنما لأن نبي هذا الزمان عربيًا، لكن المقصود هو العالم أجمع، وأما غير العرب فلا بد أن تبلغهم رسالة الله تعالى إما بأن يعلموا لغة العرب، أو تترجم لهم النصوص إلى لغاتهم، وهذا ما حدث في القرون الأولى، حيث عرضت الدعوة على الناس كافة فآمن الكثير منهم، بل أن منهم من تعلم اللغة العربية خصوصًا ليتعلم القرآن وينقله إلى قومه، وهكذا عاش الإسلام بكل اللغات، وسيظل شامخًا منتشرًا بين ربوع الأرض حتى تقوم الساعة.