الأذان.. هذا الصوت الجميل الذي نسمعه في اليوم 5 مرات، من منا (يتسلطن) حين يسمعه، من منا يتحرك قلبه، من منا يكاد تنخلع عنه أوداجه وهو يشعر كأنه يطير في السماء، مع أصوات السماء؟.. من منا لم يحب صوت الشيخ الراحل محمد رفعت وهو يرفع أذان المغرب في رمضان، ومن منا لم يعشق صوت الشيخ سيد النقشبندي في كل وقت.. هل عذوبة الصوت هي السبب.. أم روعة الكلمات والنداء.. أم لأنه نداء الله عز وجل فهو يأسر القلوب؟.. ربما جميعها، لكن الأكيد هو أن للأذان رونق ونسمات تدب الروح في حياتنا خمس مرات في اليوم والليلة، فهنيئًا لمن سمع الأذان وعاش معه تجلياته، ويا خسارة من صم أذنيه، وحرم نفسه من متعة قد لا يتصورها عقل بشر البتة.

صون رباني

الأذان شرع في الإسلام بعد رؤيا رآها أحد الصحابة، يدعى عبدالله بن زيد رضي الله عنه، ورواها للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله، إني لبين نائمٍ ويقظان، إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان. قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يومًا. قال ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبدالله بن زيد، فاستحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبدالله بن زيد فافعله. قال: فأذن بلال. وفي روايةٍ أخرى: فإنه أندى منك صوتًا.. إذن نضارة الصوت ونداوته، لابد أن تكون في صاحب الأذان، وإلا لما كان رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم اختار سيدنا بلال.. فقد اختاره لحسن صوته رضي الله عنه، وكأنه يردد من عند الله مباشرة.

اقرأ أيضا:

الأدلة على أن النبي يردّ السلام على من يُسلم عليه!

ذكر النبي

ألم تعلم عزيزي المسلم، يا من لا تهتم لسماع الأذان، أنه فرض لرفعة ذكر نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: « وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » (الشرح: 4)، فطوبى للمؤذنين، فهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة كما بين الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، بل أنهم سيغفر الله لهم ولا شك في ذلك، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: «عجب ربك من راعي غنم في رأس شظية الجبل، يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة».. فلو كنت صاحب ندي أو حسن، فتعلم الأذان وردده، فالأمر يستحق العناء، لأن هناك وعد للمؤذنين بالجنة، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: «من أذن اثنتي عشرة سنة، وجبت له الجنة، وكتب له بكل أذان ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة».س