أخبار

اسم الله "العدل".. كيف تقتدي به لتكون عادلاً مع نفسك ومع الناس؟

مزاح زوجي ثقيل ومزاجه كئيب.. ما الحل؟

مطلقة وابني المراهق أتعبني نفسيًا لأنه "بصباص" كما أعمامه.. كيف أتصرف؟

من أسرار حسن الخاتمة.. كيف تسبق إليها؟

الحق ثمنه غال ولا يباع على الأرصفة.. كيف تقتدي بإبراهيم وتكن من أصحابه؟

هل الزواج في شهر شوال مكروه؟

غزوة حنين ..وقعت في شوال فكانت درس عدم الاغترار بالقوة واليقين في نصر الله

لا تكافئ عبادة رمضان بالمعصية في شوال.. كيف تستمر؟

هل يعاقب المسلم على ترك صيام الست البيض من شوال؟

هل هناك تجارة فاشلة مع الله؟!.. توقف عن هذه الأخطاء فورًا في الصلاة قبل أن تحبط عملك!

إذا كان الله رحيمًا بالمؤمنين فما بال الكافرين؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الخميس 05 اغسطس 2021 - 01:21 م

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


معنى { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ... } [الأحزاب: 43] الصلاة هي الدعاء، والدعاء لا يكون إلا بطلب الخير للداعي، ولا يدعو إلا قادر على هذا الخير، وعليه كيف نفهم هذا المعنى؟ أيدعو ربنا نفسه تبارك وتعالى؟ قالوا: إذا كانت نهاية الصلاة طلبَ الخير، وهذا الخير إذا طلب حصل، فالحق سبحانه هو الداعي، وهو الذي يملك مفاتح الخير كله، فهو الذي يُصلِّي عليكم، وهو الذي يعطيكم، وهو الذي يرحمكم.

وأيضاً يُصلِّي عليكم الملائكة { وَمَلاَئِكَتُهُ... } [الأحزاب: 43] وقد أخبرنا سبحانه عنهم أنهم { عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء: 27].

وقال: { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6].

أقسام الملائكة


والملائكة أقسام: منهم المكلفون بخدمتنا ومنافعنا في الأرض، ومنهم مَنْ يحفظنا من الأحداث التي قد تفاجئنا بإقدار الله لهم عليها، ومنهم الحفظة والكرام الكاتبون، وهؤلاء الملائكة المتعلقون بنا هم الذين أُمروا بالسجود لآدم عليه السلام في قوله تعالى: { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر: 29].

وهذا دليل على أنهم سيكونون في خدمته. وكأن الله تعالى قال لإبليس: طلبتُ منك أنْ تسجد لآدم، وطلبت من الملائكة وأنت معهم، فإنْ كنتَ من الملائكة فينبغي أن تستجيب، وإنْ لم تكُنْ من الملائكة وحشرتك بطاعتك في زمرتهم كان يجب عليك أنْ تطيع لأن الأعلى منك سجد.

وقد أوضحنا هذه المسألة بمثَل، ولله تعالى المثل الأعلى قُلْنا: إذا أعلن في أحد الدواوين الحكومية أن الرئيس سيزور هذ االديوان يوم كذا، وعلى الوزراء أنْ يصطفُّوا لتحيته، ألم يشمل هذا الأمر وكلاء الوزارة من باب أَوْلى؟

فإذا قال الله للملائكة: اسجدوا لآدم وكان معهم إبليس وهو أقلّ منهم، فكان عليه أنْ يسجد. ثم إنْ كنتَ يا إبليسُ أخذتَ منزلة أعلى من الملائكة بالطاعة، فلا بُدَّ أنْ تكون طاعتك لله على هذه المنزلة، فأنت مَلُوم على أيِّ حال، إلا أنه كان من الجن، والجن مختار، ففسق عن أمر ربه.

وهناك نوع آخر من الملائكة لا دخلَ لهم بالإنسان ولا بدنياه، وهم الملائكة العالون أو المهيَّمون، وهم الذين قال الله فيهم لما أبى إبليس أنْ يسجد قال له ربه: { أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } [ص: 75].

وهؤلاء العالون لم يشملهم الأمر بالسجود؛ لأنهم لا يدرون شيئاً عن آدم، وليس لهم علاقة به، وأخصُّهم حَمَلة العرش وهم أكرم الملائكة، وهؤلاء هم الذين يُصلُّون عليكم بعد أنْ صلَّى الله عليكم؛ لذلك يُبيِّن لنا الحق سبحانه هؤلاء الملائكة ودورهم في الصلاة علينا والاستغفار لنا، فيقول سبحانه: { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ... } [غافر: 7].

فهؤلاء هم أخصُّ الملائكة وأكرمهم يُسبِّحون بحمد ربهم ويؤمنون به، لكن ما فائدة (يؤمنون به) بعد أن سبَّحوه؟ قالوا: لأن التسبيح قد يكون عن خوف ورهبة، أما تسبيح هؤلاء فتسبيح عن حبٍّ وعن إيمان، وأنه سبحانه وتعالى يستحق أنْ يُسبَّح، ومن مهام هؤلاء أيضاً أنهم يستغفرون للذين آمنوا، وإنْ لم تكن لهم علاقة بالناس وليسوا في خدمتهم، إلا أنهم يُصَلُّون عليهم ويستغفرون لهم.إذن: نقول الصلاة من مالك الدعوة القادر على الإجابة رحمة وعطف وحنان، والصلاة ممَّنْ دونه دعاء للقادر المالك للخير، فهم يدعون الله للمؤمنين ويستغفرون الله لهم، بل ويبالغون في الدعاء ويتعطَّفون فيه: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [غافر: 7].

بل لم يقفوا عند حَدِّ طلب النجاة للمؤمنين من النار، إنما يطلبون لهم الجنة { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [غافر: 8].

ثم يزيدون على ذلك: { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [غافر: 9].

ووالله، لو أراد المؤمن أنْ يدعو لنفسه ما وجد أعمَّ ولا أشمل من دعاء الملائكة له، فبعد أنْ طلبوا له المغفرة والنجاة من النار لم يتركوه هكذا في أهل الأعراف، لا هُمْ في الجنة، ولا هُمْ في النار، إنما سألوا الله لهم الجنة عملاً بقوله تعالى: { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ... } [آل عمران: 185].

وهذه المسألة من المسائل التي وقف أمامها المستشرقون، فقالوا: إنها تتناقض مع الحديث النبوي: " ما من يوم تطلع شمسه إلا وينادي ملكان يقول أحدهما: اللهم أَعْط مُنفقاً خَلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْط مُمسكاً تَلَفاً " ، فكيف تقولون: إن الملائكة يدعون للناس بالخير وهم يدعون عليهم بالشر؟

وهم معذورون في اعتراضهم؛ لأن ملكاتهم لا تستطيع فَهْم المعاني في الحديث الشريف، والتناقض في نظرهم في قوله صلى الله عليه وسلم: " ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً " ، فالأولى واضحة لا تناقض فيها؛ لأنها دعوة بالخير، أما الثانية فهي دعوة بالشر. " اللهم أعْط ممسكاً تلفاً ".

ولو تأملوا نصَّ هذه العبارة لوجدوا فيها الجواب، فالتلف يُعطي أم يؤخذ؟ المفروض أنه يُؤخذ، فحين يقول رسول الله: " اللهم أعط ممسكاً تلفاً " فاعلم أنه عطاء لا أَخْذٌ وإن كان في ظاهره تلفاً، والمعنى أن شيئاً شغلك، وفتنك فتصيبك فيه مصيبة تخلصك منه فتعود إلى ربك، إذن: هو أَخْذ في الظاهر عطاء في الحقيقة.

اقرأ أيضا:

يوسف عليه السلام أعطي شطر الحسن.. ما معنى هذا.. وماذا عن جمال النبي محمد؟

صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين


ثم يبيّن لنا الحق سبحانه العلَّة في صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين، فيقول { لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ... } [الأحزاب: 43] فكأن منهج الله بافعل ولا تفعل هو أول صلاة الله علينا؛ لأنه الوسيلة التي تُخرجنا من الظلمات إلى النور، وجاء هنا بالشيء الحسِّيِّ لنقيس عليه المعنوي، فأنت في النور ترى طريقك وتهتدي إلى غايتك بلا معاطب، أمَّا في الظلام فتتخبط خُطَاك وتضلّ الطريق في الظلام، تسير على غير هُدى، وعلى غير بصيرة، فتحطم الأضعف منك، ويُحطِّمك الأقوى منك.والنبي صلى الله عليه وسلم يُوجِّهنا حين ننام بالليل أنْ نطفيء المصابيح فيقول: " واطفئوا المصابيح إذا رقدتم " وقد أثبت العلم أن للأنوار المضاءة أثناء النوم تأثيراً ضاراً على صحة الإنسان، وأنه لا يرتاح في الضوء الراحة التامة لما يصيبه أثناء النوم من إشعاع الضوء، كما حذرونا أيضاً من التعرُّض لأضواء التليفزيون مثلاً.

إذن: للنور مهمة، وللظلمة مهمة - هذا في الحسِّيات. كذلك منهج الله بافعل ولا تفعل هو النور المعنوي الذي يقيك العطب، ويمنحك الإشراقات التي تهتدي بها في دروب الحياة، لذلك قال تعالى بعدها: { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } [الأحزاب: 43].

لكن إنْ كان سبحانه رحيماً بالمؤمنين، فما بال الكافرين؟ قالوا: هو سبحانه بالكافرين رحمن، فالله تعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة؛ لأن رحمن الدنيا يعني أن خيره يعُمُّ الجميع المؤمن والكافر، والطائع والعاصي، أما في الآخرة فتتجلَّى صفة الرحيم؛ لأن رحمته في الآخرة تخصُّ المؤمنين دون غيرهم.

والحق سبحانه حين يقول: { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ... } [النور: 35] لا يعني هذا وَصْفاً لذاته سبحانه، إنما يعني أنه سبحانه نور السماوات والأرض أي: مُنوِّرهما كما نقول: المصباح نور المسجد.

وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بقول أبي تمام في مدح المعتصم:
إقْدَامُ عَمروٍ في سَمَاحةِ حاتم في حِلْم أحنْفَ في ذَكَاءِ إيَاسِ
وعمرو مضرب المثل عند العرب في الشجاعة، وحاتم في الكرم، وأحنف بن قيس في الحِلْم، وإياس بن معاوية في الذكاء، فقام إليه أحد الحاضرين وقال له - وكان حاقداً عليه -: أمير المؤمنين فوق ما تقول، أتُشبِّهه بأجلاف العرب؟ وأنشأ يقول:
وشبَّهه المدَّاح في البَأسِ والنَّدَى بمَنْ لوْ رآهُ كَانَ أصْغر خَادِمِ
فََفِي جَيْشهِ خَمْسونَ ألْفاً كعنتْر وفي خُزَّانِهِ أَلْفُ حَاتِمِ
عندها أطرق أبو تمام هُنيهة، ثم قال:
لاَ تُنكِرُوا ضَرْبي له مَنْ دُونَهُ مَثَلاً شَرُوداً في النَّدَى والبَاسِ
فَاللهُ قَدْ ضَربَ الأقلّ لِنُورِهِ مثَلاً من المشْكاةِ والنِّبراس
إذن: فالنور المعنوي يُجنّبك العطب المعنوي، كما أن النور الحسيَّ يُجنَّبك العطب الحسِّيَّ؛ لذلك قال سبحانه عن نوره { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ... } [النور: 35] يعني: نور حِسّيّ يقيكم المعاطب الحسية، ونور معنوي يقيكم المعاطب المعنوية { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ... } [النور: 35] والمراد به هنا النور المعنوي الذي يهتدي به المؤمن ويسير عليه، أما الكافر فهو لا يعرف إلا النور الحسيَّ فقط.

فإنْ سألت: فأين نجد هذا النور يا رب؟ يُجيبك ربك: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ... } [النور: 36-37].

فإنْ أردتَ النور الحق فهو في خَلْوتك مع ربك وفي بيته، حيث تتجلَّى عليك إشراقاته ويغمرك نوره.وقبل أن نترك مسألة صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين نذكر صلاتنا نحن على النبي صلى الله عليه وسلم، عملاً بقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [الأحزاب: 56].

فالصلاة من الله تعالى تعني الحنان والرحمة والعطف، والصلاة من الملائكة تعني الدعاء والطلب من الذي يملك، أما الصلاة منا نحن على سيدنا رسول الله، فلبعض يظن أنها دعاء منا لرسول الله، وهي ليست كذلك؛ لأنك تقول في الصلاة على رسول الله: اللهم صَلِّ على محمد، فأنت لا تصلي عليه صلى الله عليه وسلم، إنما تطلب من الله تعالى أنْ يصلي عليه، لكن كيف تطلب من الله أن يصلي على رسوله؟ قالوا: لأن كل خير ينال الرسول منثور على أمته.

والحق سبحانه وتعالى لم يدع محمداً يصلي عليه كل مَنْ آمن به، ثم لا يرد رسول الله عليه هذه التحية بصلاة مثلها، فقال سبحانه: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ... } [التوبة: 103] وكأنها رَدٌّ للتحية ولصلاة المؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم يقول الحق سبحانه: { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ... }.



الكلمات المفتاحية

صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين أقسام الملائكة هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]