تعرف على حكم لبس البناطيل القصيرة والمقطعة التي تظهر الفخذ أو جزء منه
بقلم |
محمد جمال حليم |
السبت 30 اكتوبر 2021 - 08:40 م
يدعي بعض الشباب خاصة من يتطلعون للموضة من لبس البناطيل القصيرة والمقطعة من أن الفخذ ليس عورة وأنه ليست هناك مشكلة في لبس ما يظهر الفخذ وانه لا توجد أحاديث تقول إن الفخذ عورة .. ويزعم هؤلاء أن ظهور الفخذ لا علاقة له بصحة الصلاة ولا غير هذا .. فما الصواب؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أن الزعم أنه لا توجد أحاديث صحيحة تدل على أن الفخذ عورة غير مُسَلَّم، فقد ورد في الباب عدة أحاديث يقوى مجموعها للاحتجاج، ومن ذلك ما رواه أبو داود وابن ماجه عن علي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَعْمَرٍ، وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ فَقَالَ: يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْك، فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، والحديث رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير فليس فيه تعديل ولا تجريح، كما قال الحافظ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْفَخِذُ عَوْرَةٌ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَجُلٍ، وَفَخِذُهُ خَارِجَةٌ. فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَيْك، فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ.وَعَنْ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ، وَقَدْ انْكَشَفَتْ فَخِذِي، فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَك، فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ، وصححه ابن حبان.
وتضيف: أن هذه الأحاديث وغيرها دالة على ما ذهب إليه الجمهور من أن عورة الرجل هي ما بين سرته وركبته، وقد وردت أحاديث صحيحة تفيد خلاف هذا، وذهب إليها جمع من أهل العلم، ولسنا ننفي الخلاف في المسألة، لكننا نرجح قول الجمهور؛ لأن أحاديثهم مثبتة، والمثبت مقدم على النافي، وأحاديث المخالفين في وقائع أحوال محتملة للنسخ أو التأويل. قال الشوكاني في شرح المنتقى ناصرا قول الجمهور مبينا الخلاف في المسألة: قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ، وَعَنْ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ " الْعَوْرَةُ: الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ فَقَطْ " وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ الْإِصْطَخْرِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ عَن ابْنِ جَرِيرٍ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي تَهْذِيبِهِ، وَرَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ، وَاحْتَجُّوا بِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا، وَالْحَقُّ أَنَّ الْفَخِذَ مِنْ الْعَوْرَةِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَهِضٍ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ فَفِي الْبَابِ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَمَا سَتَعْرِفُ ذَلِكَ، وَأَمَّا حَدِيثَا عَائِشَةَ وَأَنَسٍ الْآتِيَانِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا فَهُمَا وَارِدَانِ فِي قَضَايَا مُعَيَّنَةٍ مَخْصُوصَةٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا مِن احْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ، أَوْ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إعْطَاءَ حُكْمٍ كُلِّيٍّ وَإِظْهَارَ شَرْعٍ عَامٍّ، فَكَانَ الْعَمَلُ بِهَا أَوْلَى؛ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ. انتهى
وتوضح: أن إذا علمت هذا، فما ذكرته من كوننا نفرق بين العورة في الصلاة وخارجها ليس صحيحا، بل الذي نفتي به، ويذهب إليه الجمهور أن الفخذ عورة في الصلاة وخارجها؛ لما عرفت، ومن قلّد من يثق به من أهل العلم؛ فلا حرج عليه.