يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا» (الفتح 6).
هذه الآية في غاية الخطورة، لأن ظن السوء من صفات المنافقين التي تستوجب الغضب واللعن من الله سبحانه وتعالى، ويظن السوء بالله عز وجل -والعياذ بالله- فإنه يظل يعيش داخل هذا السوء طوال عمره.
وهنا تدبر قوله تعالى: (عليهم دائرة السوء)، ستظن في الله عز وجل (بسوء)، وبالتالي المردود الطبيعي أنه يجعلك تعيش في هذا السوء طوال عمرك، لا تتزحزح عنه قيد أنملة.
الظن السيء
للأسف كثير من الناس -ممن يظنون بالله ظن سيء- تراهم يعيشون في أوهام لا تتحقق على أرض الواقع نهائيًا، ومع ذلك يظل يعيش بداخلها طوال الوقت وكأنها حقيقة مطلقة، فلا يخرج كثيرًا عن مشاعره السلبية، وكأنها وقعت بالفعل.
عليك أن تخشى من أن دائرة السوء هذه (خطيرة جدًا)، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولذلك عليك جيدًا أن تحسن الظن بالله وأن تتوقع منه الخير دائمًا، ولا تنس أنه سبحانه وتعالى قال بوضوح (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).. إذن يريد الله أن يخفف عنا.. فكيف بنا لا نحسن الظن به؟!.
الأمر هنا ليس (كلام إنشائي) وإنما ليعلم الجميع أن ظن الخير بالله وأن يأخذ بالأسباب ، سيجعلك تشعر بتغير غير عادي، ويكفي إحساسك الجيد الذي يدفعك إلى الإصرار على النجاح، والتشبث بحياة لا تعرف للفشل طريقًا.
عند ظنك بك
والله عند حسن ظن العبد به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : «يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي».
وتخيل كما ترى الله هو سيحقق لك بقدر ظنك به، إذن الأمر بيدك، تستطيع أن تجعله يحقق فوق كل مقدرات البشر، وهو القادر بالفعل على ذلك، ومع ذلك عدم حسن ظنك به يجعلك لا تحقق حتى أقل القليل.
على قدر معرفتك بربك، على قدر حسن ظنك به، فأكمل الناس في حسن ظنهم بالله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهم أعلم الخلق بربهم ولطفه بعباده، فهذا يعقوب عليه السلام يفقد ابنه يوسف لنحو 40 عامًا، ثم يَفقد أخاه، ثم يتأخر كبير أولاده، فلم يقدم مع إخوته، ولا يزال يعقوب يحسن الظن بربه ويبذل الأسباب لرجوع أولاده الثلاثة.
قال تعالى: « يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ » (يوسف: 87 ).
اقرأ أيضا:
أعظم وصية نبوية..وسيلة سهلة لدخول الجنة