أوتدري عزيزي المسلم، أنه كما أنك لجأت إلى الله عز وجل فتناجيه وتدعوه وتسأله ما تريد، وأنت واقف بين يديه في جوف الليل، فإن الله عز وجل أيضًا بجلاله وقدره، يتحدث إليك، فهل تسمعه؟.
في حديث قدسي صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»، فتخيل أنك تذكر الله وسط مجموعة من الناس أو بين نفسك، وهو يذكرك أيضًا، لكن في مجموعة أفضل، وبين ملائكته، فكيف تتوقف عن ذكر الله، وتحرم نفسك من الذكر في السموات العلى، وأمام خير الخلق وهم الملائكة.
الله يبحث عنك
الله عز وجل يبحث عنك، ويسأل عنك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء»، فهلا جربت يومًا أن تذكر الله، وأنت تستشعر أن الله يذكرك؟.
أوتدري إن ذكرت الله، بماذا فزت؟.. فإن الله يشهد ملائكته بأنه غفر لك، إذ يقول سبحانه وتعالى: «فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم»، إذن حتى لو ذكرت الله وبينكم من يعصي الله، فإن الله أكرم من أن يفوته بين المغفور لهم.. فهل هناك فضل أعظم من ذلك؟.. بالتأكيد لا.. فكيف بنا ننسى ذكر الله إذن؟.
اقرأ أيضا:
نتحدث كثيرًا عن غربة الإسلام .. ماذا عن غربة قلوبنا؟الله لا ينسى
الله عز وجل لا ينسى عباده الذاكرين أبدًا، لذا عود نفسك اللجوء إلى الله قبل ساعات الاضطرار.. فإن الناس كلهم يحسنون التوجه إليه في أي ضرر يتعرضون له، وعند حاجاتهم حتى المشركين يلجأون إلى الله في شدتهم، لكن المؤمن بالله يلجأ إلى الله في كل الأوقات، لأنه موقن من أن الله لن ينساه أبدًا، سواء في شدته أو فرحه، قل تعالى: «فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ» (العنكبوت:65).
وفي وصية النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، الجامعة لابن عباس رضي الله عنه وللمسلمين من بعده، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، فإذا كنت في صحة وعافية، ومال وغنى، وأمن ورفاهية، وهدوء، فلا يصدنك كثرة الرخاء والنعيم عن الاشتغال بالعبادة، وكثرة الدعاء، وتلاوة القرآن، وكثرة الذكر، والعمل الصالح.