حثنا النبي صلى اله عليه وسلم على الاستعاذة من الفقر والعوز والحاجة في العديد من الأدعية والأذكار، ومما كان يدعو ويتعوذ به ذلك الدعاء الذي يقول فيه: " اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ".
وفي رواية: ((من الفقر، والفاقة, والقلة، والذلة, والعيلة))
وفي شرح معنى الدعاء جاء في "الكلم الطيب" قوله: ((اللَّهم إني أعوذ بك من الفقر)) أي: يا اللَّه أعذني من عدم كفايتي من المال الذي أقوت به نفسي، وأهلي، وأولادي، وأخاف من أن يؤدي بي إلى عدم الصبر، وإلى التسخّط وعدم القناعة، وتسلّط الشيطان عليَّ بذكر نعم الأغنياء، وأعذني يا إلهي من شدة الحاجة إلى الخلق، والتعرّض لهم بالسؤال والطلب والاحتياج إلى غيرك، أستعيذ منهما لأنهما قد يفضيان إلى الخلل في الدين والمروءة والعزة.
وقوله: ((القلة)) - بالكسر-: أعوذ بك من قلّة المال, التي يخاف منها قلّة الصبر من الإقلال، أو المراد قلة أبواب الخير والبر، أو قلة العدد، أو المدد، أو قلة الأنصار([3])، ولا مانع من إرادة الجميع، أي قِلَّة كانت؛ لأن الأصل بقاء العموم على عمومه، ما لم يأت مخصِّص، ولم يخصِّصِ الشارع بفرد من هذه الأفراد، ولم يحدد نوعاً من أنواع الإقلال، واللَّه عز وجل أعلم.
قوله: ((الذلة)): أن أكون ذليلاً في أعين الناس يستحقروني، ويستخفّون بشأني, والتذلّل للأغنياء على وجه المسكنة, أو المراد الذلّة الحاصلة من المعصية، والخطيئة([4]) , ولا مانع من إرادة الجميع؛ لأنه لم يخصِّص نوعاً من أنواع الذلة كما سبق, وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم .
قوله: ((وأعوذ بك أن أظلم)): أعوذ بك أن أعتدي، وأجور في حقٍّ من حقوقك, أو في حقٍّ من حقوق خلقك.
قوله: ((أو أُظلم)): أي أعوذ بك أن يقع عليَّ ظلمٌ وبغي, من العباد بغير حقٍّ.
وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور؛ لما فيها من شدّةٍ في النفس، ونقصٍ في الدين من الإخلال عن كثير من العبادات، والتسخّط على اللَّه عز وجل ، وعدم الصبر، والقناعة، وإتعاب العقل والبدن بالتفكير والهمّ، والحزن، فلا تطيب الحياة، ولا ترضى النفس.
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاءاقرأ أيضا:
دعوا الله بدون تكلف.. لن تتخيل جوائز السماء