العلاقة بين الله تعالى وعبده المؤمن هي علاقة ترتكز علي قواعد وأداب ومسائل كثيرة في تعامله معه ربّه سبحانه وتعالي منها الإيمان بأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده صاحب الكمال المطلق؛ فهو سبحانه يمتلك من الصّفات العلى ما تجعل الإنسان يطمئن أنّ كلّ ما شرعه الله تعالى وسنّه هو خيرٌ له في الدّنيا والآخرة،
والقواعد التي تحكم العلاقة بين العبد المؤمن وربه تسير في إطار أن صلاح حياته واستقامتها وسعادتها لا تتحقّق إلا باتباع هذا المنهج الرّباني القويم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
ومن ضمن هذه االقواعد الحاكمة لهذه العلاقة العلاقة كذلك البعد عن الأعمال الشّركيّة التي تخدش علاقة العبد بربّه سبحانه؛ فالمسلم حريصٌ على توحيد الله تعالى من خلال أفعاله وأقواله، فلا يعمل عملًا من شأنه أن يخلّ بمعنى التّوحيد مثلما تبتدعه بعض الجماعات والفرق من أعمال التّوسل بقبور الصّالحين والأولياء وغير ذلك، فالمسلم يتعامل مع ربّه سبحانه على أنّه هو الوحيد المستحقّ للعبادة وهو الوحيد المستحقّ للتّوجه إليه بالرّجاء والدّعاء وتسليم القلب والمناجاة والاستغفار .
ومن الطاعات المطلوبة من العبد المؤمن لكي تكون علاقته بالله صحية الإيمان العبد بأنّ الله تعالى قريبٌ من عباده فلا يهلك المرء نفسه بالقلق والتّوتر والخوف من عدم سماع دعائه، قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام "اربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصمًّا ولا غائبًا إنّما تدعون سميعًا بصيرًا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" .
الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف حدد 3قواعد لتنظيم العلاقة العلاقة بين العبد وربه أولهم الإخلاص {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } أساسها "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ،ومن كانت هجرته إلى دنيا يريدها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه" يدخل هذا الحديث في سبعين بابًا من أبواب الفقه، وهو ثلث الدين، وهو الذي يعبر عن موقف القلب من رب العالمين .. فلابد من النية، ولابد من الإخلاص فيها.
أما ثاني هذه القواعد التي تنظم هذه العلاقة بين العبد وربه الدوام مصداقا لقوله تعالي عز وجل "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" "يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل وتركه" وعائشة رضي الله تعالى عنها تصف عمله صلى الله عليه وآله وسلم "كان عمله ديمة" أي كان دائمًا لا ينقطع.
ثالث هذه القواعد بحسب عضو هيئة كبار العلماء حسن الظن به سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه: (أنا عند ظن عبدي بي) فإن أحسنت الظن فإن الله سبحانه وتعالى يستجيب لك على حسن ظنك، وإن أساءت فلا تلومن إلا نفسك.
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينوحسن الظن بالله تعالى يستلزم الثقة بما في يد الله سبحانه وتعالى، ويستلزم حسن التوكل عليه؛ والله سبحانه وتعالى يحب المتوكلين عليه، ويستلزم التسليم والرضا بقضائه وقدره في أنفسنا، ويستلزم الالتجاء إليه بالدعاء ؛والدعاء هو العبادة.