يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ » (الرعد: 11).
القرب من الله هي معلومة عظيمة، بينما الجهل عن الله هو الجهل بالمعلومة أو معلومة مغلوطة، فالله عز وجل لا يمكن أن يغير ما بقوم ما أسبغ عليهم من عافية ونعمة، فيزيل بذلك عنهم، ويسلط عليهم عقابه، ويصب عليهم سوط عذابه؛ حتى يغيروا ما بأنفسهم من شكر نعمه بإخلاص عبادته وحسن طاعته، والوقوف عند حدوده.
راجع نفسك
قد يتصور شخص ما أنه لا يقع في أي ذنب بينما البلايا تحاصره، وهذا ليس صحيح، مؤكد هو يخفي عن الناس وربما عن نفسه أنه يقع في ذنب عظيم، لكنه لا يريد التراجع عنه، فيكون البلاء من الله كي يوقظه من غفلته، فهكذا يصيب الله الناس بالبلاء حتى يعودوا إلى رشدهم.
قال تعالى: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ » (النحل: 112)، أي أن نسيان الناس للنعم التي هم فيها، ثم سعيهم لإتيان الذنوب، يكون أولى الأسباب لهلاك هذه الأمة.
وقد أثبت المؤرخون أن السبب الأول لسقوط الإمبراطوريات القديمة، كان الانهيار الأخلاقي، فكيف بنا ونحن أمة بنيت بالأساس على حسن الخلق والالتزام الأخلاقي الذي لا مثيل له، نريد التخلي عن هذه الأخلاق، ونستمر في أماننا ومكاسبنا؟.. فهل يعقل ذلك؟.. لابد من اختبار من الله لكي نعود إلى رشدنا.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةعبرات التاريخ
وضرب الله تعالى لنا أمثلة عديدة في القرآن الكريم، لكي نعي منها كيفية الحفاظ على نعم الله علينا، وهي ألا نتغير إلى الأسوأ، فيصيبنا ما أصاب السابقين.
قال تعالى: «وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ » (القصص: 58-59).
فقد جاءنا أفضل وأخير وأعظم الرسل، وبلغ عن كل شيء، فكيف بنا نغفل عنها، وحين يصيبنا الله بهم أو غم أو انكسار، نتساءل ما الأسباب، وكأننا لا نعرف الأسباب الحقيقية، وهي البعد عن ما جاء به رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، فتكون النتيجة لاشك ابتلاءات واختبارات من الله لا تنتهي.