اغمض عينك عن عيوب الناس تنجو، بينما إذا تتبعت عورات الناس تتبع الله عورتك وفضحك على رؤوس الأشهاد، فمن تغافل عن عيوب الناس، وأمسك لسانه عن تتبع أحوالهم التي لا يحبون إظهارها، سلم دينه وعرضه وألقى الله محبته في قلوب العباد وستر الله عورته فإن الجزاء من العمل، وما ربك بظلام للعبيد.
بينما في المقابل من تتبع عورات الناس فضحه الله ولو في جوف بيته، وهنا علينا أن نتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتَبْتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته»، فإن تورع وصدق في تعييبه بأن لا يذكر أحداً إلا بما فيه من العيوب، فقد وقع في كبيرة الغيبة، فلم يزده صدقه إلا بعداً عن طريق الله، وإن افترى على الناس فعابهم بما ليس فيهم ونسب إليهم ما لم يقع منهم فقد بهتهم، وهو لاشك إثم عظيم.
قال تعالى: « وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا » (الأحزاب: 58).
تتبع عورات الناس
للأسف ترى هذه الأيام، بعض الناس لا هم لهم إلا تتبع العورات تجد أحدهم يصبح ويمسي ولا هم له إلا الإيقاع بأخيه يتربص به، ويتغافل عن ضرورة ستر عورات الناس.
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته»،.
بل إن العلماء أكدوا أن من تتبع عورات الناس في أمر ما، ابتلاه الله عز وجل بذات البلاء وبذات الكيفية، فكأن مثلا امرأة ما كانت تعاير جيرانها بأن لديهم ابنة ولدت بعيوب خلقية، فما لبثت إلا أن ابتلاها الله بمثلها، وهذا آخر كان يعير رجلاً في المجالس بأن القوامة في بيته لزوجته وليست له، وأنه رهن إشارتها، وإذا بالمقادير تسوق هذا المعير إلى عاقبة أشد سوءًا، إذ تزوج بثانية بعد سنين، فتسلطت عليه وأرغمت أنفه في التراب، وما عير به أخاه رآه في نفسه بعد حين.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةعامل الناس كما تحب أن يعاملوك
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وإياك أن تقلل من حجم ما تقول وإن كانت كلمة تراها بسيطة، فها هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لما قالت في أم المؤمنين، صفية رضي الله عنها، كلمة تشير إلى كونها قصيرة، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته»، يعني لغيرت طعمه ورائحته، وصدق من قال: «عيوب الناس نحفرها على النحاس، أما فضائلهم فنكتبها على الماء».