لا أحد منا يعلم موعد وفاته، لكن أحيانًا يكبر الأب، ويصل لمرحلة من المرض تجعل المحيطين به يتوقعون رحيله بين لحظة وأخرى، وأحيانًا لا ينتظر الأب الوصول لهذه المرحلة المتأخرة من التعب، ويريد أن يوصي أبنائه.. فكيف تكون هذه الوصية، وبأي أمر تكون..
على كل أب أن يدرك أن هناك وصية واجبة، يجب عليه أن يوصي بها أبنائه من بعده، وهي وصية ليست لها علاقة بما ترك، أو بميراث، أو شيء مادي، وإنما هي وصية للأهم في الحياة، وللذي خُلقنا من أجله، وهي أن يتركهم على كلمة التوحيد، فهكذا كان أنبياء الله يوصون أبناءهم، فهي الوصية التي يموت الأب وهو واثق في أن أبنائه يسيرون على الطريق الصحيح، وأنه سيلتقي ربه وهو آمن عليهم.
خير الوصايا
أما خير الوصايا فكانت وصية نبي الله نوح عليه السلام لابنه، فعن عبد الله بن عمرو قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيحان مزرورة بالديباج، فقال: ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس بن فارس، أو قال: يريد أن يضع كل فارس بن فارس، ورفع كل راع بن راع.
قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمجامع جبته وقال: «لا أرى عليك لباس من لا يعقل، ثم قال: إن نبى الله نوحًا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه: إنى قاص عليك الوصية: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت فى كفة، ووضعت لا إله إلا إله فى كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع، والأرضين السبع كن حلقة مبهمة فضمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، فإن بها صلات كل شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر».
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةلقمان الحكيم
وهذا لقمان الحكيم، أيضًا حينما أراد أن يوصي أبنائه، أوصاهم بالتوحيد، والموت على كلمة لا إله إلا الله، قال تعالى: «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» (لقمان 13)، وهو ما مات عليه أيضًا نبي الله يعقوب، وهو يوصي أبنائه، قال تعالى: «أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنۢ بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ إِلَٰهًا وَٰحِدًا وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ»، إذن لتكن الوصية الوحيدة والقوية والواجبة على كل أب، أن يوصي أبنائه من بعده بالتوحيد وبأنه لا إله إلا الله، فهي المنجية في الدنيا والآخرة لاشك.