دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل بالقول :مراجعة الزوج لمُطَلَّقَتِهِ من طلاق رجعيّ يُنْظَر فيه إلى وقت انقضاء عدتها وفقًا لما يتناسب مع حالتها:فإن كانت المطلقة ذات حملٍ: انقطع حقه في مراجعتها بولادتها، أو بوضع حملها ظاهر خَلْقه.أما إن كانت آيسة؛ بأن بلغت خمسة وخمسين عامًا مع كونها قد انقطع حيضها مدة ستة أشهر على الأقل: انقطع حق المراجعة بمرور ثلاثة أشهر قمرية من بعد طلاقها.
وقالت الدار في فتواها المنشورة علي بوابتها الاليكترونية :وأما إن كانت من ذوات الحيض: فينقطع الحق في المراجعة بمُرور ثلاثِ حيضاتٍ على المُطَلَّقة؛ بحيث تكون بداية أُولاها بعد الطلاق، ويُعْرَفُ ذلك بإخبار المُطَلَّقة، وذلك فيما بين ستين يومًا كحدٍّ أدنى، وعامٍ قمريٍّ كاملٍ كحدٍّ أقصى.
وفي التفاصيل قالت الدار العدة: من العدِّ؛ وهي أجل معين بتقدير الشارع له، يلزم المرأة عند الفرقة من النكاح، سواء أكانت الفرقة بطلاق أم بفسخ أم بوفاة زوجىوقد شُرعت العدة لمعانٍ عدة؛ منها: استبراء الرحم، والتعبد لله تعالى بالالتزام بأحكامها، والتفجع على الفُرْقَة، ولا يحلّ للمعتدة الزواج من غير مُطلقها حتى تنقضي عدتها منه.
وبحسب الفتوي قال الإمام الأزهري في "تهذيب اللغة" باب: العين والدال،: [والعِدَّة: مصدر عَدَدْتُ الشَّيْء عَدًّا وَعِدَّةً. وَالْعِدَّةُ عِدَّة الْمَرْأَة شهورًا كَانَت أَو أَقراء أَو وضع حَمْل كَانَت حَمَلَتْهُ من الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ. يُقَال: اعْتَدَّتِ الْمَرْأَة عِدَّتَها من وَفَاة زَوجهَا وَمِنْ تطليقه إِيَّاهَا اعْتِدَادًا. وَجمع العِدَّة عِدَدٌ، وأصل ذَلِك كلِّه من العَدِّ"اهـ.
وكذلك قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 389، ط. دار الكتاب الإسلامي): [-العدة- مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد، أو لِتَفَجُّعِهَا على زوج] اهـ.
ومن المعاني التي شرعت من أجلها العدة: إتاحة مدة من الزمن بعد الطلاق الرجعي لتوفير فرصةٍ للمراجعة بين الزوجين؛ فيملك الزوج مراجعة زوجته ما دامت عدة الطلاق باقية؛ قال تعالى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: 1]؛
وأفادت الدار ان مراجعة المرأة من طلاقٍ رجعي لا تخرج عن ثلاثة أحوال:فإما أن تكون حاملًا: فانقطاع حقّ الرجعة حينئذٍ يكون بوضع الحمل، بشرط أن يكون مُسْتَبِين الخِلقة، ولو بعد الطلاق بلحظة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (3/ 196): [وأما عدة الحبل: فمقدارها بقية مدة الحمل؛ قَلَّتْ أو كَثُرَتْ، حتى لو ولدت بعد وجوب العدة بيوم أو أقل أو أكثر انقضت به العدة.. وشرط انقضاء هذه العدة أن يكون ما وضعت قد استَبَان خَلْقُه أو بعضُ خلقه] اهـ.
وأشارت الدار إلي أنها لو وضعت حملها غير مُسْتَبين الخِلقة لا يكون له حكم الولد ولا تنقضي به العدة؛ قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (6/ 26، ط. دار المعرفة): [وكل سَقْطٍ لم يَسْتَبِنْ شيءٌ مِن خَلْقِهِ لا تنقضي به العدة؛ لأنه ليس له حكم الولد] اهـ.
واستدركت الدار للقول :وإما أن تكون آيسة من المحيض: فانقطاعُ الحقّ في المراجعة حينئذٍ بتمام ثلاثة أشهر قمرية من بعد الطلاق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: 4]،
ونبهت الدار إلي أن سنّ اليأس هو السنّ الذي ينقطع رجاء المرأة فيه من نزول دم الحيض عليها في قابل الأيام، وهو عند السادة الحنفية خمسة وخمسون عامًا قمريًّا، ويشترط للحكم بالإياس في هذه السن أن ينقطع الدم عن المرأة مدة طويلة؛ وهي ستة أشهر في الأصح؛ سواء مضت هذه المدة قبل بلوغ سن الإياس أو بعده؛
ومن الأحوال الثلاثة للمرأة فتتعلق بأن تكون من ذواتِ الحيض: فينقطع حقّ الرجعة في هذه الحالة بمُرور ثلاثِ حيضاتٍ على المُطَلَّقة؛ بحيث تكون بداية أُولاها بعد الطلاق، ويُعْرَفُ ذلك بإخبار المُطَلَّقة، وذلك فيما بين ستين يومًا كحدٍّ أدنى، وعامٍ قمريٍّ كاملٍ كحدٍّ أقصى؛ لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228].
وقالت الدار في هذا السياق :وخلاصة ما سبق وتطبيقًا لما ورد الاستفسار عنه:فإنَّ مراجعة الزوج لمطلقته من طلاق رجعي يُنْظَر فيه إلى أجل انقضاء عدتها وفقًا لما يتناسب مع حالتها:- فإن كانت ذات حملٍ: انقطع حقه في مراجعتها بولادتها، أو بوضع حملها مستبين الخلقة- وإن كانت آيسة؛ بأن بلغت خمسة وخمسين عامًا مع كونها قد انقطع حيضها مدة ستة أشهر على الأقل: انقطع حق المراجعة بمرور ثلاثة أشهر قمرية من بعد طلاقها.
وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول وإن كانت من ذوات الحيض: فينقطع الحق في المراجعة بمُرور ثلاثِ حيضاتٍ على المُطَلَّقة؛ بحيث تكون بداية أُولاها بعد الطلاق، ويُعْرَفُ ذلك بإخبار المُطَلَّقة، وذلك فيما بين ستين يومًا كحدٍّ أدنى، وعامٍ قمريٍّ كاملٍ كحدٍّ أقصى، ويترتب على ذلك: أنها إن أخبرت ببقاء عدتها فيما بين هذين الحَدَّين صُدِّقت في ذلك ويصح مراجعتها.