نقع في الذنب، ثم لا نتصور أن لهذا الذنب عواقب ليست حميدة، وحينما يبتليه الله عز وجل بشيء ما، تراه ينفض يده، ولا يظهر عليه سوى الاعتراض، وكأنه يفعل الخير والخير، وأن ما به لا يستحقه، بل أنه هو نفسه لو راجع نفسه قليلا، لعلم أن ذنوبه سبب بلائه وشقائه.
القاعدة الشرعية تقول: «لا ينزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة»، وفي ذلك يقول الإمام بن الجوزي رحمه الله: «ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين آدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل. وإن كان حلمه يسع الذنوب، إلا أنه إذا شاء، عفا، فعفى كل كثيف من الذنوب، وإذا شاء أخذ باليسير. فالحذر الحَذَرَ».
ما جنته يدك؟
ما أنت فيه هو ما جنته يدك من قبل، فلا تلومن إلا نفسك، وليعلم القاصي والداني، أن من آثار الذنوب والمعاصي، أن يظهر الفساد في البر والبحر، هكذا حذرنا ربنا سبحانه وتعالى ولكننا ننسى أو نتناسى، قال تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » (الرُّومِ: 41).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا»، فكيف بنا نعلم ذلك، ولانزال نصر على الوقوع في الذنوب، ثم ندعي الفضيلة، وأننا لا نستحق ما حل بنا من بلاء!.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةسخط الله
إن لم يكن سبب سخط الله عز وجل عليك، هو عملك السيء، فمن يكون إذن؟.. قال جل وعلا: « وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ » (الشُّورَى: 30)، فتجد الكثير من الناس يقع في الخطأ هو ظهر بين يديه، وبين الناس، ثم ينكره، وثقول ما هو بشر أو ذنب، وإنما أفعل ما يفعله الناس، وينسى أن الله لا يمكن أن يظلم مثقال ذرة، بل يأخذ الناس بما عملت وجنت أيديهم.
عن أبي مالك، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «ليشربن ناسٌ من أُمتي الخمر يسمّونها بغير اسمها، يُعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير».
فالمعصية كما تبين إنما هي ذل في الدنيا والآخرة، وصدق الله إذ يقول: « وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ » (الشُّورَى: 44-45).