هناك عبارة شائعة بين الناس، قد تحتسب من «أبغض الكلام إلى الله» ونحن لا ندري، وهي (خليك في حالك)، فقد يدعوك أحدهم إلى تقوى الله فيكون الرد عليك بها، فتكون النتيجة أن يبغضها الله عنك، وهو أمر كارثي لا محالة.
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وإن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل للرجل اتق الله فيقول عليك بنفسك».
انظر إلى معنى الجملة قبل أن تنطقها، لأن الأمر جلل، وهو ما أكده المولى عز وجل في كتابه الكريم، قال تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ» (البقرة 206).
العزة بالإثم
الوقوع في (العزة بالإثم) هو أن يأخذك كبرياؤك وغرورك، فتتعالى عن النصيحة، وترفضها بالكلية، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستسلموا لأمره، واستمسكوا بشريعته، وحاذروا التمرد على شيء منها، واخشوا تقلب القلوب، وباعدوا عن أوصاف المنافقين؛ فلا يسلم من النفاق إلا من خافه على نفسه.
قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » (الأنفال: 24)، فالعزة قد تكون في الحق، فيكون صاحبها عزيزا ولو كان ضعيفا، لا يذل للخلق، ولا يتنازل عن شيء من دينه.. عزيز بعزة الله تعالى، لأنه قد شرف بعبوديته له، والانتساب لدينه، والفخر بإسلامه.
لا أحد أعز منه سبحانه وتعالى، بل لا عزة لمخلوق إلا به عز وجل: « سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ » (الصَّفات: 180)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَللهِ العِزَّةُ جَمِيعًا » (فاطر: 10).
رفض الحق
العزة بالإثم، تمنع عنك الحق، ومن ثم إذا دعي أحدهم إلى الإيمان والتقوى أخذته العزة بالإثم، فرفض الانصياع للحق، واستكبر عن قبول النصح، وما منعهم من ذلك إلا عزتهم بالإثم، قال الله تعالى: « بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ » (ص: 2) أي أن ما يحسونه من عزة بالباطل وحمية له يمنعهم من الخضوع للحق،.
فإذا دعاك أحدهم إلى الحق، فإياك أن تأخذك العزة بالإثم، فتكون نهايتك كارثية، وإنما استجب من فورك، فقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبون من يدعوهم إلى الحق، ولو كان على رؤوسهم.
وفي هذا يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا إذا قِيلَ له اتَّقِ الله غَضِبَ»، وفي رواية: «كفى بالرجل إثما أن يقول له أخوه اتق الله فيقول: عليك نفسك أأنت تأمرني؟!».
اقرأ أيضا:
5فوائد ذهبية للرشد .. يعينك علي اتباع فرائض الله واجتناب نواهيه ولهذا أجمع الإنس والجن علي اعتباره طوق النجاة