ما هو الفرق حينما تكرم طائرًا وبين أن تكرم فأرًا؟.. حينما تضع الطعام لطائر مثل العصفور أو اليمام والحمام، فتجده ضيفًا خفيفًا يأكل ما تضعه له في طبق صغير على سور البلكون ثم يطير، ولا يصبك منه أذى بل قد تتمتع بصوته الجميل الذي يغرد به وهو يقف على طرف شرفة منزلك، أما حينما تضع الطعام لفأر من الفئران، فمن المؤكد أنه لن يكتفي بالطعام الذي وضعته له، بل أنه سيطمع بشكل أكثر وسيدخل بيتك ويعيث في منزلك فسادًا وتخريبًا، لذلك أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم اسم الفويسقة.
هكذا تمامًا حينما تستقبل ضيفًا على خلق، يعرف بحرمة البيوت وآداب زيارتها، فتراه لا ينظر لعورتك ولا يتعدى حدوده ويحفظ سرك، في حين حال استقبلت ضيفًا ثقيلاً لا يعرب في مؤمن ذمة، فتجده ينظر لعورتك ويتتبعها وينشر سر بيتك ويعيث في المنزل فسادًا.
لذلك ينصح النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بألا يدخلوا بيوتهم إلا تقيًا ولا يأكل طعامهم إلا نقيًا.
وقد شرع الإسلام العظيم أخلاقًا وآدابًا اجتماعية حضارية تخص دخول البيوت والمكوث فيها لما في ذلك من منع للتهمة والخلطة والخلوة وما يمكن أن يجلب العداوات أو يجلب المعاصي والآثام، كما جعل حرمـــة لبيـــوت الناس فـــــي الإسلام.
آداب دخول البيوت
قال تعالى: ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها، ولكن البر من اتقى و أتو البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون)"البقرة: 189" اخبرهم -سبحانه- أن البر الحقيقي هو تقوى الله -تعالى- بالتخلي عن الرذائل والمعاصي وهو عمل الخير والتحلي بالفضائل وإتباع الحق واجتناب الباطل، فأتوا البيوت من أبوابها، وليكن ظاهركم عنوانا لباطنكم بطلب الأمور كلها من مواضعها الشرعية واتقوا الله في كل شئونكم رجاء أن تفلحوا في أعمالكم، وبما أن البيت: مكانا ترفع فيه الكلفة وتنشر فيه الراحة، فقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقأوا عينه)( رواه البخاري ومسلم وأبو داود).
وقال تعالى: (يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون)"النور: 27".
جعل الله البيوت سكنا يفيء إليها الناس، وتطمئن نفوسهم ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم، ويلقون أعباء الحذر والحرص المرهقة للأعصاب، والبيوت لا تكون كذلك إلا حين تكون حرما آمنا، لا يستبيحه احد إلا بعلم أهله وإذنهم، وفي الوقت الذي يريدون، وعلى الحالة التي يحبون أن يلقوا عليها الناس، ويعبر القران الكريم عن الاستئذان بالاستئناس وهو تعبير يوحي بلطف الاستئذان ولطف الطريقة التي يجيء بها الطارق، فتحدث في نفوس أهل البيت أنساً به واستعداداً لاستقباله.
صورة الاستئذان
السلام عليكم أأدخل؟ فان أذن له دخل وان أمر بالرجوع انصرف (ولا يكن في صدره حرج) والسنة في ذلك أن يعلن عن نفسه "بذكر اسمه" فقد روى "أن أبا موسى جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: السلام عليكم: هذا أبو موسى".
اظهار أخبار متعلقة
وبعد الاستئذان إما أن يكون في البيوت احد من أهلها أو لا يكون فان لم يكن فيها احد فلا يجوز اقتحامها بعد الاستئذان لأنه لا دخول بغير إذن وان كان فيها احد من أهلها فان مجرد الاستئذان لا يبيح الدخول، فإنما هو طلب للإذن، فان لم يأذن أهل البيت فلا دخول كذلك ويجب الانصراف دون تلكؤ ولا انتظار.
عدم استقبال الباب عند الاستئذان لما روى أبو داود عن عبد الله بن يسر قال: كان رسول الله إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول: "السلام عليكم".
حرمة الدخول على المغيبات "أي التي غاب عنها زوجها" سواء من غريب أو قريب حتى اخو الزوج فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون أحدكم بامرأة فان الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" وخاصة للقريب فربما تتيح له القرابة ما لا يتاح للغريب.
أن يرفع صوته بالإذن فربما يكون أهل البيت في مكان بعيد.
عليه أن يستأذن ثلاث مرات فان لم يأذن له رجع ونفسه راضية.
إذا كان ضيفاً فلا يقترح طعاماً معيناً ولا مكاناً بعينه.
إذا أذن له بالدخول فعليه بإتباع آداب الطعام ولا يتطلع إلى غير ما قدم له أو ينظم على أهل البيت.
وتكون صفة دق الباب خفيفا بحيث يسمع ولا يزعج فقد روى انس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانت أبواب النبي -صلى الله عليه وسلم- تقرع بالأظافر.
لا تنظروا إلى عورات غيركم، ولا تطلعوا إلى ما لا يحل لكم الاطلاع عليه، ولا تفاجئوا الساكنين الوادعين، فتحرجوهم أو تزعجوهم، فيحدث الاشمئزاز، والتضايق، والكراهية .
في بيت الإنسان الخاص، فلا حاجة فيه للإذن إن كان فيه الأهل (الزوجة). والسنة السلام إذا دخل. قال قتادة: إذا دخلت على بيتك فسلم على أهلك، فهم أحق من سلمت عليهم. فإن كان فيه مع الأهل أمك أو أختك، فقال العلماء: تنحنح واضرب برجلك حتى تنتبها لدخولك لأن الأهل لا حشمة بينك وبينها، وأما الأم والأخت فقد تكونان على حالة لا تحب أن تراهما فيه