لو عاش المسلم مع غيره من المسلمين بأخلاق الإسلام السمحة لقلت النزعات لدرجة كبيرة جدا ولتحولت الحياة الصعبة سهلة وأمست الأمور كلها ميسرة في مجتمع يعرف الله ومن ثم يعرف حقوق الغير فيراعيها.
معنى الحب في الله:
والحب في الله يعني أن كون علاقتك بالغير مربوطة برباط الله لا لأجل مصلحة ترجوها منه ولا مضرة ترجو منه أن يدفعها عنك غير انك تحبه لأجل أنه مسلم فتسعى في نفعه بكل ما تستطيع، ومن سمات هذا الحب أنه محبة حقيقية لا يقطعها شيء من أمور الدنيا، فهي باقية إلى أن يفرق بينهما الموت، ولولا أنها محبة خالصة لله تعالى ما كتب لها البقاء والدوام.
ومن أوثق ما يوطد العلاقة بين أفراد المجتمع الواحد أن يتحابوا فيمنا بينهم لا لأجل مصلحة دنيوية بل تجمعهم ظلال المحبة الواسعة.. فالحب الخالص لله تعالى له بركة عظيمة يتعدى نفعه للغير.
ثمرات الحب في الله:
وللحب في الله تعال ثمرات كيرة وفضائل عديدة فيكفي أنه دليل الإيمان في قلب العبد ويذوق حلاوة الإيمان إلا من أحب غيره لله لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز و جل رواه أحمد، كما أن الحب الخالص في الله من كمال الايمان في الحديث ففي حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحبَّ لله وأبغض لِلّه وأعطى للَّه ومنع لِلَّه فقد استكمل الإِيمان) رواه أبو داود.
كما أنه من ثمراته أن يكون مع من أظلهم الله تعالى يوم القيامة من حر الموقف العظيم يوم القيامة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منها: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه) رواه البخاري ومسلم.
تفاوت درجات الحب في الله:
ويتزايد إيمان العبد بحسب حبه لغيره وهذا موضع الفضل والتنافس على الخير كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه ) رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
ومن أفضل ثمرات الحب في الله أن يستوجب حب الله لك ففي الحديث القدسي : قَالَ اللَّهُ تباركَ وَتعالى : ( وجبت محبَّتي للمتحابِّين فيَّ والمُتجالسين فِيَّ والْمتزاورين فيَّ والْمتباذلِين فيَّ ) رواه مالك في الموطأ، زارَ رجُلٌ أخًا لَهُ في قريَةٍ فأرْصَدَ اللهُ لَهُ ملَكًا علَى مَدْرَجَتِه ، فقال : أينَ تُرِيدُ ؟ قال : أخًا لِي في هذِهِ القرْيَةِ ، فقال : هل لَّهُ عليكَ مِنْ نعمةٍ ترُبُّها ؟ قال : لَا ؛ إلَّا أنِّي أُحِبُّه فِي اللهِ ، قال : فإِنَّي رسولُ اللهِ إليكَ أنَّ اللهَ أحبَّكَ كمَا أَحْبَبْتَهُ".
كيف أحب في الله؟
والحب في الله له وسائل أولاها أن تعقد النية وتجددها رغبة في الثواب عند الله ثم تسعى لجلب الخير للغير دون طلب ثناء أو رد جميل ولتنصحه إذا استنصحك وتقف بجواره إن أرادك وتتعامل معه برفق تعفو عن هفواته وتحيطه من ورائه وتشاركه أفراحه واتراحه وتهديه هدايا طلبا لنيل محبته وأقلها أن تسل عليه ولا تجافيه كما في حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم.