هناك نعمة اجمع الأنس والجن من الله وهم في وقت الملمات وشدة الضيق والملاحقة حيث طالبوا الله سبحانه وتعالي ان ينعم عليهم بنعمة الرشد حيث خاطب اهل الكهف ربهم بالقول ربنا اننا من أمرنا هذا رشدا فهم لم يطلبوا النصر واو التمكين بل طالبوا ربهم فقط بالرشد والأمر تكرر كذلك من الجن حيث طلبوا من ربهم نفس النعمة عندما تعرضوا لخطب عظيم هو الاستماع للقرآن الكريم مصداقا لقوله تعالي: انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الي الرشد فأمنا به
وقال الله تعالي في محكم آياته :"واذا سالك عبادي عني فان قريب اجيب دعوة الداعي اذ دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" ومن هنا فالرشد يعني الاهتداء إلى الصَّلاح في أمر الدِّين، وهو الأكثر، والصَّلاح في أمر الدُّنيا أيضًا.
وكذلك قال الله تعالى" وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ" رشده هنا تعني هداه و قال الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" الرُّشْدُ: أي الصلاح.
فالرشد هو إصابة وجه الحقيقة هو السداد وهو السير في الإتجاه الصحيح ، وهو حسنُ التصرف في الأشياء، وسداد المسلك في علَّة ما أنت بصدده ، فإذا ارشدك الله فقد أوتيت خيرا عظيما .
كذلك الرشد هو حسن التصرف، والحكمة، واستقامة التدبير، وهو مرشد الحائرين في الطريق الحسي، والضالين في الطريق المعنوي، فيرشد الخلق بما شرعه على ألسنة رسله من الهداية الكاملة، ويرشد عبده المؤمن إذا خضع له، وأخلص عمله، والرشد، والهدى متقاربان، وهو صفةٌ لله عَزَّ وَجَلَّ . ومن شواهده قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين ."
ومن الثابت الإشارة إلي أن أهمية الرشد ظهرت بشكل واضح باعتباره هو الشيء الذي طلبه أصحاب الكهف حين أووا للكهف وهم في شدة البلاء والملاحقة .. حيث سألوا اللّه " الرُشد " دون أن يسألوه النصر، ولا الظفر، ولا التمكين" ربنا آتنا من لدُنكَ رحمة ًوهيئ لنا من أمرِنا رشدا وتكرر الأمر عندما طلب الجن من ربهم لما سمعوا القرآن أول مرة.. ؟ طلبوا " الرشد " قالوا" إنّا سمِعنا قرآنا ًعجبا يهدى إلى الرُشد فآمنا به
وقد أجمع الفقهاء علي أن للرشد فوائد عديدة منها أنه يساهم في إقبال الفرد على الدين والتدين، وذلك بالخروج عن طوع هواه وشهواته إلى مطاوعة فرائض الدين وآدابه، الراشد هو من يهرب من العجب والغرور والكبر ويبادر بالاستسلام لقواعد الدين وآدابه، فلا يتناقض مع الشريعة ولا يتخلى عن الآداب الحسنة .
من فوائد الرشد كذلك أنه بوابة لطاعة الله مصداقا لقوله تعالي : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" البقرة: 186
وتعني الأية هنا انه إذا سألك – أيها النبي- عبادي عني فقل لهم: إني قريب منهم، أُجيب دعوة الداعي إذا دعاني، فليطيعوني فيما أمرتهم به ونهيتهم عنه، وليؤمنوا بي، لعلهم يهتدون إلى مصالح دينهم ودنياهم. وفي هذه الآية إخبار منه سبحانه عن قربه من عباده، القرب اللائق بجلاله.
ومن فوائد الرشد كذلك أنه يساعد المؤمن في الاستسلام للقواعد والضوابط الإلهية باعتبارها من أول علامات الرشد، وأول مظاهر الاستسلام هو ترك المحرمات فلا يشرك بربه ولا يتسبب فى الإضرار بأى مخلوق" " مصداقا لقوله تعالي "فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا. ":
ومن فوائد الرشد كذلك أنه يقودك لتحصيل العلم من مصدره فليحرص الراغبون فى الرشادة والرشد على التعلم مع التيقن من سلامة المصدر وقيمة المعلومة وأهميتها للدنيا والآخرة وهو ما جاء واضحا عن موسى عليه السلام و العبد الصالح.
اقرأ أيضا:
نقصان بني آدم في أعداد الحج يكمله الله من الملائكةوحكى القرآن الكريم أن نبى الله موسى عليه السلام رحل رحلة طويلة متحملا الغربة ووعثاء السفر لسبب واحد هو طلب العلم من مصدره كما قال الله تعالي :" فسلَّم عليه موسى، وقال له: أتأذن لي أن أتبعك؛ لتعلمني من العلم الذي علمك الله إياه ما أسترشد به وأنتفع؟ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا "للرشد فوائد متنوعة حيث يسهم في تبيين وجه الحق فى كل ما يسمع فمن علامات الرشد أن يتعود الإنسان التأكد والتيقن ولا يندفع وراء كل خبر أو قول، فالراشد يحرص دائما على تبين وجه الحق فى كل ما يسمع، ولا يتورط فى نقل المفتريات والأكاذيب
لا يغيب عن فوائد الرشد انه يسهل عليك العمل بهدى القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: " قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا"حيث خاطب الله رسول بالقول قل – أيها الرسول -: أوحى الله إليَّ أنَّ جماعة من الجن قد استمعوا لتلاوتي للقرآن، فلما سمعوه قالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآنًا بديعًا في بلاغته وفصاحته وحكمه وأحكامه وأخباره، يدعو إلى الحق والهدى، فصدَّقنا بهذا القرآن وعملنا به، ولن نشرك بربنا الذي خلقنا أحدًا في عبادته.
.