حرص الإسلام على التنبيه لكل كبيرة وصغيرة في الأمور الخاصة بالصلاة، حتى لا تبطل، ويضيع أجرها هباءً، خصوصًا أنها عماد الدين، وضياعها يعني كارثة بكل ما تحويه الكلمة من معنى، فضياع الصلاة عند العديد من العلماء يعني ضياع الدين كله.

لذلك على كل مسلم أن يتعلم جيدًا، ويقف أمام كل شيء، حتى لا يخطئ ولو خطأ بسيطًا، يتسبب في إبطال صلاته، ومن ثمّ إبطال كل شيء يليها.. وقد لا يعلم كثير من المسلمين أن هناك أمرً بسيطًا جدًا في قراءة سورة الفاتحة، لو سقط عن المصلي، ضاعت صلاته.. ألا وهو (الشَدّة)، إذ يبين العلماء أن ترك تشديدة واحدة من سورة الفاتحة يعد من مبطلات الصلاة، فكيف ذلك؟.

الشرح والتوضيح

عزيزي المسلم، عليك أن تعي جيدًا أن صلاتك قد تبطل (إمامًا أومنفردًا) لو تركت تشديدة من الفاتحة وعددها (إحدى عشرة شدّة) من دون البسملة.

وفي ذلك يقول الإمام النووي رحمه الله : "تجب قراءة الفاتحة بجميع حروفها وتشديداتها.. فلو أسقط منها حرفًا، أو خفف مشددًا..، لم تصح القراءة"، وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله : "يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة..، فإن ترك ترتيبها، أو شَدّة منها، ، لم يعتد بقراءته، إلا أن يكون عاجزًا عن غير هذا، وهو مذهب الشافعي".

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إنما لم تصح؛ لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين، فإذا ترك التشديد أنقص حرفًا"، ويقول قال الإمام الرملي رحمه الله : "ترك التشديد من (إياك نعبد) متعمدًا عارفًا معناه كُفر؛ لأن (الإيا) ضوء الشمس فكأنه قال: نعبدُ ضوأها".

اقرأ أيضا:

الأدلة على أن النبي يردّ السلام على من يُسلم عليه!

مواضع التشديد

أما مواضع التشديد في سورة الفاتحة من غير البسملة، فهي كالتالي: الحمد (لله).. (ربِّ) العالمين.. (الرَّحمن، الرَّحيم).. مالك يوم (الدِّين).. (إِيَّاك) نعبد.. (إيَّاك) نستعين.. اهدنا (الصِّراط).. صراط (الَّذين).. غير المغضوب عليهم ولا (الضَّالِّينَ) وفيه تشديدتان، فضلا عن تشديدات البسملة الثلاث.


وحول آراء الأئمة، فأما الحنفية، فمذهبهم في ترك التشديد أنه لا يبطل الصلاة إن كان لا يتغير به المعنى، وإن غيَّر المعنى ففي بطلان الصلاة به خلاف.. وأما المالكية فقد نقل الحطاب في مواهب الجليل عن ابن الحاج وجوب المحافظة على شدات الفاتحة وأن من لم يتقن ذلك فصلاته باطلة.. وأما مذهب الشافعية: أن من ترك التشديد في كلمة من الفاتحة لم يعتد بها، ولا بد من إعادتها، وإلا لم يجزه ذلك، لوجوب مراعاة الشدات في القراءة لمن كان قادرًا.. وأما مذهب الحنابلة فهو نظير مذهب الشافعية، فقد قال ابن قدامة في المغني: (يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة، غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها، أو شدة منها، أو لحن لحنا يحيل المعنى، مثل أن يكسر كاف (إياك) ، أو يضم تاء (أنعمت) ، أو يفتح ألف الوصل في (اهدنا) ، لم يعتد بقراءته، إلا أن يكون عاجزا عن غير هذا).