بقلم |
فريق التحرير |
السبت 13 ديسمبر 2025 - 05:17 م
طالب جامعي، يعمل عملا جزئيا، تحسب فيه ساعات الدوام بالساعة، وبعض الأحيان أثناء عمله في المكتب يدخل أشخاص، وينشغل معهم بحديث عام لا علاقة له بالعمل، فهل يجوز له حساب هذه المدة ضمن ساعة العمل؟ وقد سأل الشخص مديره المباشر، ـ وهو غير مسؤول عن حسب الساعات وصرف المبالغ ـ، فقال: بما إنك ما اقتطعت جزءا من وقتك إلا للعمل، فأحسبها كاملة؛ حيث إن هذه الأمور يصعب ضبطها، فما هو الصواب؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب أن المسلم مؤتمن على ساعات العمل التي تعاقد عليها مع جهة العمل قليلة كانت أو كثيرة وعليه أن يوفي بما تعاقد عليه على الوجه الأكمل.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة:1.
«يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، من حقوق الله، عز وجل، على عباده، من الصلوات والزكوات، والكفارات والنذور والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك. فأمر الله، عز وجل، بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء" انتهى من تفسير ابن كثير (2/ 338).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وصححه الألباني.
وذكرت ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فقد جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق والعقود، وبأداء الأمانة ورعاية ذلك، والنهي عن الغدر ونقض العهود والخيانة والتشديد على من يفعل ذلك" انتهى من "القواعد النورانية" (ص: 272).
ثانيا:
وتستطرد أن ما سألت عنه من حديثك مع بعض الأشخاص خلال ساعات العمل، فإن كان ذلك في وقت تستطيع أن تنجز فيه عملًا أنت مطالب به، وتعطل بسبب ذلك: فلا يجوز ذلك، ولا تحسبه من وقت الدوام، ويلزمك أن تنجز العمل المطلوب منك، ولو بتعويض وقت عما أضعته، بعد نهاية دوامك.
وإن كنت في هذا الوقت فارغا، ليس لك مهمة معينة يطلب إنجازها، أو كان ذلك لا يؤثر على إنجاز ما يطلب منك في العمل: فلا بأس، فقد جرت العادة والعرف أن الموظفين والعمال يتحدثون مع الآخرين في الأوقات التي فيها فراغ، أو ليس فيه تكليف بعمل معين. فقد يكون الإنسان في مكتبه وقت الدوام ينتظر المراجعين، أو ينتظر أن يُكلف بعمل جديد، أو يتحدث يسيرًا بما لا يخل بعمل هو قائم عليه.
فكل هذا مما جرت به العادة، ولا يعد إخلالا بالعمل، ولا تضييعا لأمانته.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " أنا موظف وفي العمل أقرأ القرآن الكريم في أوقات الفراغ , ولكن المسئول ينهاني عن ذلك بقوله: إن هذا الوقت للعمل وليس لقراءة القرآن. فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا؟ فأجاب: إذا لم يكن لديك عمل، فلا حرج في قراءة القرآن، وهكذا التسبيح والتهليل والذكر؛ وهو خير من السكوت.
أما إذا كانت القراءة تشغلك عن شيء يتعلق بعملك، فلا يجوز لك ذلك ؛ لأن الوقت مخصص للعمل، فلا يجوز لك أن تشغله بما يعوقك عن العمل " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (8/ 361)..
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا قام الموظف بأداء عمله المكلف به، وأراد أن يستفيد من وقت الدوام بقراءة القرآن، أو قراءة شيء مفيد ، أو حتى أراد أن ينعس ليرتاح قليلا ، فهل عليه شيء من ذلك ؟
فأجاب: " ليس عليه شيء مادام قائما بالعمل الذي وكل إليه.
أما إذا كان يفرط، أو ينقص من أداء عمله: فإن ذلك حرام عليه، ولا يجوز.
وأما النعاس: فلا رخصة له فيه، لأنه لا يملك نفسه فقد ينام عن عمله من حيث لا يشعر " انتهى نقلا عن "فتاوى الحقوق" جمع خالد الجريسي (ص: 59).
وأما إذا اشترط عليك صاحب العمل عدم استضافة أحد، أو الجلوس معه أثناء الدوام: فيلزمك الوفاء به، إن قبلت بهذا الشرط؛ لما سبق بيانه من وجوب الوفاء بالعقود وأداء الأمانات.