حذرت دراسة حديثة من أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات مستويات مرتفعة من تلوث الهواء المرتبط بحركة المرور معرضون لخطر متزايد للإصابة بأعراض الأمراض العقلية مقارنة بأولئك الذين يتنفسون هواءً أنظف.
قال الباحثون في الدراسة التي نشرتها المجلة الطبية (JAMA Network Open)، إن الأشخاص الذين تعرضوا لكميات كبيرة من أكاسيد النيتروجين - الأبخرة التي تنتجها المركبات التي تعمل بالغاز والنفط ومصادر أخرى - في الطفولة والمراهقة كانوا أكثر عرضة لإظهار علامات المرض العقلي أثناء انتقالهم إلى مرحلة البلوغ.
ويتعرض ما يصل إلى تسعة من كل 10 أشخاص على مستوى العالم لمستويات عالية من ملوثات الهواء من احتراق الوقود الأحفوري في المركبات ومحطات الطاقة والعديد من عمليات التصنيع والتخلص من النفايات والعمليات الصناعية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
اظهار أخبار متعلقة
تلوث الهواء مرتبط بالأمراض العقلية
كشفت النتائج الجديدة أن "تلوث الهواء من المحتمل أن يكون عامل خطر غير محدد للإصابة بالأمراض العقلية بشكل كبير"، وفق المؤلفة المشاركة في الدراسة هيلين فيشر في بيان صحفي.
وقالت فيشر، الباحثة في معهد كينجز كوليدج لندن للطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في إنجلترا، إن النتائج المبنية على دراسات سابقة تظهر زيادة قبول المستشفيات للعديد من الأمراض النفسية نتيجة "الهواء الرديء" في دول مثل الصين والهند.
حددت الدراسات السابقة، وجود صلة بين تلوث الهواء وخطر الإصابة باضطرابات نفسية معينة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق.
ومع ذلك، نظرت الدراسة الجديدة في التغيرات في الصحة العقلية التي تشمل جميع الاضطرابات وعلامات الضيق النفسي المرتبطة بالتعرض لملوثات الهواء المرتبطة بحركة المرور.
قام الباحثون بتحليل التعرض لتلوث الهواء وبيانات الصحة العقلية لمجموعة من 2000 توأم ولدوا في إنجلترا وويلز بين عامي 1994 و1995 واستمرت حتى مرحلة الشباب.
خضع جميع المشاركين في الدراسة إلى تقييمات منتظمة للصحة البدنية والعقلية وقدموا معلومات حول المجتمعات الأكبر التي يعيشون فيها.
قاس الباحثون التعرض لملوثات الهواء من خلال نمذجة جودة الهواء حول منازل الطفولة للمشاركين، باستخدام البيانات المقدمة من قبل الجرد الوطني البريطاني لانبعاثات الغلاف الجوي ومصادر أخرى.
تم أيضًا تقييم الصحة النفسية للمشاركين في سن 18 على 10 مشاكل نفسية مختلفة، بما في ذلك الكحول والماريجوانا أو الاعتماد على التبغ؛ قصور الانتباه وفرط الحركة؛ الاكتئاب الشديد؛ اضطراب القلق العام واضطراب ما بعد الصدمة.
تم استخدام هذه التقييمات لحساب مقياس واحد للصحة العقلية، يسمى عامل علم النفس المرضي، أو "عامل p" باختصار، وفقًا للباحثين.
وقال الباحثون وفقًا لوكالة "يو بي إنه"، إنه كلما ارتفعت درجة العامل p للمشارك، زاد عدد وشدة الأعراض النفسية التي تم تحديدها.
ووجد أن 22 في المائة من المشاركين في الدراسة تعرضوا لأكاسيد النيتروجين التي تجاوزت إرشادات منظمة الصحة العالمية، و84 في المائة تعرضوا لجسيمات دقيقة تسمى PM2.5، والتي تجاوزت الإرشادات.
وتعرض المشاركون لمستويات أعلى من أكاسيد النيتروجين، ولكن ليس PM2.5، أثناء الطفولة، في المتوسط، إلى زيادة نقطتين في عامل p في سن 18.
في سن 18 تظهر معظم أعراض المرض العقلي
قال الباحثون إن سن 18 هو العمر الذي تظهر فيه معظم أعراض المرض العقلي أو تبدأ في الظهور.
في حين أن مستويات تلوث الهواء كانت أعلى في الأحياء التي تعاني من ظروف اقتصادية وجسدية واجتماعية أسوأ، وجدت الدراسة أن مخاطر الإصابة بالأمراض العقلية على أساس التعرض ظلت كما هي في جميع المناطق.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة آرون روبن: "لا نعرف ما هي العواقب الصحية العقلية للتعرض العالي لتلوث الهواء".
أضاف روبن، طالب دراسات عليا في علم النفس الإكلينيكي بجامعة ديوك الأمربكية: "نظرًا لانتشار التعرض الضار على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تكون ملوثات الهواء الخارجية مساهمًا هامًا في العبء العالمي للأمراض النفسية".