لاشك أننا جميعًا الآن نمر بظروف صعبة جدًا، جراء حالة الخوف والهلع من انتشار فيروس كورونا المستجد، ما يحتاج منا إلى صبر وقدرات جديدة علينا. يقول الإمام أبو حامد الغزالي: «أشد أنواع الصبر كف الباطن عن حديث النفس». نعم لأن حديث النفس يضاعف الابتلاء والوجع .. ويهدر طاقتك ومجهودك كله، فبدلاً من أن يكون تفكيرك كيف تواجه الابتلاء، وكيف تتعلم منه، وكيف يغير فيك السيء .. تكرس طاقتك ومشاعرك وأفكارك لأمور أخرى غير الهدف من الابتلاء والتعلم منه!.. وحينها يفوتك الكثير، وتتعرض لوجع مختلف، لم تكن تتعرض له، لو كنت حكيما في مواجهة مثل هذه الأمور، وفي مثل هذه الظروف من الابتلاءات.
تحكم في نفسك
التحكم في كل ذلك، يحتاج مجاهدة وبذل وصبر في كف باطنك عن حديث النفس .. نعم لابد من محاسبة النفس، لكن حديث الباطن موضوع آخر. إذ أنه يغلبك الشيطان ويأخذك بعيدًا عن حقيقة ما يجري، فتعيش كآبة وبؤس أكبر مما يحتمل الموضوع، وبالتالي يكون الخروج منه أمرًا صعبًا. يقول المولى عز وجل موضحًا حقيقة محاسبة النفس: «ولقد حثنا ربُّنا- سبحانه وتعالى - على محاسبة النفس، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (الحشر: 18). فلربما ما قدمته في دنيتك يكون معينك في مثل هذه الظروف ويساعدك على المواجهة بقلب مؤمن، واثق في أن الله لن يخذله أبدًا، وبالتالي، الخروج بأقل الخسائر، أو ربما دون خسائر من الأساس.
التأسي بعمر
ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة، وأبرز مثال سيدنا عمر ابن الخطاب، الذي واجه انتشار وباء بمنتهى الحزم والعلم، فهو لم ينس الطرق العلمية في مواجهة ذلك، وبالتأكيد مع يقين في أن الله لن يخذله، فكسب الأمرين، اتبع العلم، وتيقن في الله، حتى نجا الله عز وجل المؤمنين من الوباء اللعين.. وهذا الأمر تحتاجه الأمة في هذه الظروف.. التحلي والتسلح بالعلم من جهة، واليقين بالله في أنه لن يتخلى عنا من جهة أخرى.. لعل يرفع الغمة قريبًا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.