كما حفظ الله القرآن الكريم بين دفتي المصحف مصداقالقوله تعالي :" إن نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " قيض الله رجالالحفظ السنة النبوية الشريفة ووضع معايير لها تمنع التحريف والعبث بهويتها ، حيثبذلوا الغالي والنفيس من أجل تحقيق هذا الهدف ومنهم الإمامان البخاري، و مسلم رحمهم الله،
تقدير الإمامين البخاري ومسلم وكتابيهما صحيح البخاريومسلم وصل لدرجة كبري حيث اجمع الفقهاء والعلماء على أن أصح الكتب بعد القرآنالكريم الصحيحان: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، حيث حظيا بقبول الأمة من مشارق الأرضومغاربها وتصدي المسلمون المعاصرون لأي حملات تشويه ونقد استهدفت البخاري ومسلمبالتنفيذ والرد في تأكيد علي ما للصحيحيينمن مكانة بين عموم المسلمين .
صحيحا البخاري ومسلم تضمن عديدا من القصص التاريخيةالموثقة التي تتناغم مع ما لهذين الكتابينمن تقدير وإجماع علي مصداقيتهما منها قصت جرت فصولها في العهد القديم حيث كان هناكثلاثة رجال من بني إسرائيل ، ابتلي كل واحد منهم بمرض ما ، فأحدهم كان أبرص أيلديه مرض ، يظهر الجلد ببقع بيضاء اللون ، والآخر كان أعمى والثالث كان أصلع الرأسويوجد لديه شعر. .
الله تعالي ابتلي الثلاثة بهذا المرض وفي ظل هذه الأجواءوصلهم استدعاء من الملك ، للثلاث فوصل الأبرص أولا ، ونظر إليه ، فوجده قد ساءتحالته واعتزله الناس ، وليس لديه أصدقاء في هذه الدنيا سوى صديقيه الأصلع والأعمى،
الملك لم يجد أمامه الإ الحديث الي الأبرص بود وتبادلالحديث الدافئ معه ، وسأله عن أحب الأشياءإليه ؟ فأجاب الرجل أن يصير جلده نقيًا ، ويذهب عنه البرص حتى لا ينفر منه الناس ،فكانت المفاجأة أن دعا له الملك ، ومسح على جسده فزال عنه المرض ، واسترد عافيته.
بعد أن انعم الله علي الأبرص بالشفاء فرح فرحا شديدا ،فسأله الملك مرة أخرى أي المال أحب إليه ؟ فأجابه أنه يحب الإبل ، فأعطاه الملكناقة توشك أن تلد ، ودعا ربه أن يبارك له فيها ، فأخذها الرجل وفرح بها جدًا ، وماأن ولدت الناقة حتى كبر وليدها وتكاثروا حتى صاروا قطيعًا هائلاً من الإبل ، وأصبحالرجل ثريًا.
اقرأ أيضا:
خزائن الله لاتنفد.. لماذا يعاني البشر من التعاسة رغم التقدم العلمي؟ (الشعراوي يجيب)استدعاء الملك الثني كان من نصيب الرجل الأصلع ، وكرر معه الملك نفس الحوار الذي دار معالأبرص أي الأشياء أحب إليه ؟ فأجابه أنهيرغب بأن ينبت له شعر طويل ، ويصير جميلا حتى لا ينفر الناس من قبحه ، فمسح الملكبيده على رأسه ، فنبت له الشعر الجميل كما أراد .وبعد أن استرد الرجل الأصلع شعره انتهي إعراض الناس عنهوجه له الملك تساؤلا هو أحب المال إليه ؟ فتهلل وجه الرجل وأجابه أنه يحب البقر ،فمنحه الملك بقرة توشك أن تضع وليدها ، فأخذها الرجل بعد أن دعا له الملك بأنيبارك الله له فيها وضعت البقرة حملها ، وتوالدت بمرور السنوات ، حتى صار البقرقطيعًا. .
الرجل الأصلع وبعد هذه المنحة الربانية صار من الأثرياء مثل صديقه الأبرص سابقًا ، وبعد أن فرغمنه الملك ، ذهب إلى صديقهم الثالث وهو الأعمى ، فتلطف معه وسأله أي الأشياء أحبإليه ؟ فأجابه أن يرى ما يراه المبصرون ، فالناس يتحدثون عن جمال الطبيعة ، وهو لايرى سوى الظلام ، ويسيرون في أمان ، بينما إن لم يجد هو من يسحبه ويدله على الطريق، فلن يكون مصيره سوى الآلام عقب التعثر ،
الرجل الأعمى ابتهل إلي الله أمام الملك أن يرد إليهبصره ، فمسح الملك على عينيه ، فارتدالرجل بصيرًا ، فنظر وتأمل كل ما حوله بفرحة عارمة فبادره الملك بالسؤال أي المالأحب إليك فأجابه الرجل أنه يحب الغنم ، فأعطاه الملك شاة كادت أن تضع وليدها ،ففرح بها الرجل كثيرًا وبمرور الأيام وضعت الشاة حملها ، وتكاثرت حتى صار الغنمقطيعًا كبيرًا ، وأصبح الرجل من أثرياء قومه.
الرجال الثلاثاء وبعد أن صاروا من الأثرياء ويتمتعونبالصحة والسعادة متجاوزين آلام المرض عادإليهم الملك متنكرا كل في ديوانه وفي بحبوحة من العيش ولكن بصورة جديدة ، حيث تجسدللأبرص بأنه رجل أبرص ، وأخبره أنه مسكينً كان مسافرًا وفقد راحلته ، وسأله أنيعطيه مما أعطاه الله ،
الرجل الأبرص رفض الاستجابة لسؤال عابر السبيل فقال له الملك أنه كان مثله ، وأعطاه اللهوأبرأه من مرضه ، فنفى الرجل ذلك وقال أنه كان غنيًا وورث ماله عن آبائه وأجداده ،فدعا الملك ربه إن كان الرجل كاذبًا ، أن يعيده الله إلى حالته الأولى .
الملك ذهب هذه المرض إلي الأصلع وطلب منه مثلما طلب من الأبرص ، ورفضالرجل أيضًا وأنكر نعمة الله عليه ، فدعا الملك الله إن كان كاذبًا أن يعيده إلىحالته الأولى ، ثم ذهب إلى الرجل الثالث الأعمى ، فكان صالحًا صادقًا حسن النية ،ومجرد أن أخبره الملك أنه فقير معدم ويرغب بعض المال ، مما أعطاه الله له فأخبرهالرجل ، أنه كان أعمى فرد الله له بصره ، وكان فقيرًا فأغناه الله وشكر الله ،فقام الملك وبشره بأن الله قد وفقه ، لشكر نعمته عليه ، وأن هذا رضي من الله عليه. .
من هنا نجد إن نكران نعمة الله كما فعل الأبرص والأصلعقد ترتب عليه حرمانهم من النعمة التي وهبهما الله أياها باعتبارأن ما أقدما عليهجحودا لفضل الله عليهم .. أما الرجل الأعمي فقد شكر نعمة ربه واعترف بالفضل والمنةفكانت مكافأته ستمرار فضل الله عليه ورضاه عنه كونه لم ينس معروف الله إليه أماالنكران والحجود فكان مصيرهما العودة للفقر والمرض وهي قصة تدعو للتدبر والإقراربفضل الله في كل الاحوال .
:
.
.