نعم عزيزي المسلم، المولى عز وجل من أسمائه الرحيم، ولذا فهو يطالبك بالرحمة، ومن ثم فكل شخص منا يرحم بطريقته الخاصة.. لكن أكبر خطأ أن تتصور أن رحمتك هي نفس مفهوم الرحمة الإلهية، أو أن تفهم أن الجزء الذي حصل عليه البشر من الرحمة الإلهية والذي يعد جزء من ١٠٠ جزء رحمة ..هي مجرد مضاعفات لنفس المفهوم الذي تفهمه عنها!..
بالتأكيد لا.. لأن الـ ٩٩ جزء الآخرين .. أشكال وأصناف ومفاهيم مختلفة تماما عن معاني الرحمة التي نعرفها .. فمن ضمنها مثلاً: مفاهيم تفسر ماذا يعني "أذى كبير" في باطنه رحمة !.. هنا عقلك البشري ومفهومك عن الجزء المسموح به لنا لن يعرف كيف يُدرك غير الرحمة التي تخلوا من أقل أذى وفقط..
العقل البشري ومفهوم الرحمة
هذا العقل البشري سيصعب عليه أن يعي كيف يكون الفرق بين رحمته كإنسان ورحمة الله عز وجل كإله، فهذا العقل البشري الذي قد لا يعي خلو ذاته من أقل أذى ممكن.. هو ذاته نفس العقل البشري الذي يحوي العديد من مفاهيم الأذى لغيره.. فيسمح أن يرى بنفسه طفلا يبكي لأن الطبيب الخاص به يجري جراحة ما في بطنه.. وهو يعلم تمامًا أن هذا ليس بأذى بالطفل وإنما رحمة له من الطبيب..
لكن من الصعب جدًا أن ترى طفلا يُقتل وتدرك حينها أن هذا رحمة لأبيه وأمه !.. أو رحمة به من أن يكبر ويكون ظالما، لأن الله عز وجل مطّلع على اختياراته ( والدليل ما حدث في قصة غلام سيدنا الخضر) ..
هنا تعاطف العقل مع موت طفل وحزن أبوه وأمه أقوى بكثير من إدراك الحكمة .. فيتصور أنه أرحم من رب العالمين الذي خلق الرحمة !! أو يبدأ يحاول أن يجد مخارج خرافية حتى يبرر لنفسه أن أكيد المولى عز وجل ليس بهذا الظلم .. ولو لم يجد -حاشى لله-.. ينكر وجوده !
اقرأ أيضا:
غض البصر طريقك لصفاء الذهن وراحة القلب ورضا الرب .. تعرف على فوائدهمفهوم الأذى
مفهوم الأذى ومفهوم الرحمة .. لا ندرك منها سوى جزء ضئيل لا يجعلنا نعرف بالضبط كيف نفسر أو نستوعب الوجع الذي نتعرض له في هذه الحياة الدنيا .. وتحدث نفسك فين رحمتك يا رب !
هنا توقف برهة أمام مثال حي، وهو كيف أن الله عز وجل يصبر على غير الموحدين وكم المعاصي التي ترتكب، به منذ بداية الخلق !!!.. هنا ما هو مفهوم الصبر لديك؟.. حينما تقارن قدراتك البشرية في الصبر بقدرة الله في الصبر .. تشعر حينها أن هذا مفهوم، وهذا مفهوم آخر تمامًا.. هنا قِس على ذلك في الرحمة والعدل والرزق وكل أسماء الله وصفاته.