أخبار

ماذا تفعل "حسبنا الله ونعم الوكيل" إذا كنت مظلومًا؟

"الزرع في الجنة"..أعرابي يضحك النبي

لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتك

قصة مبكية.. كيف تاب "مالك بن دينار" من شرب الخمر؟

دعاء اليوم الـ 18 من رمضان

رؤيا السواك فى المنام لها تأويلات رائعة تعرف عليها

5طاعات اغتنمها لتكون من أحباب رسول الله وتفوق في الأجر صحابة النبي .. داوم عليها لتفوز بالجائزة الكبري

فطائر بحشوة البيض لوجبة سحور شهية غير تقليدية

نفحات العشرة الأواخر.. كيف تكون من أهلها وتتعرض لها؟

ما حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومكانه ومدته؟.. الإفتاء ترد

هل القرآن نزل في النصف من شعبان أم في ليلة القدر؟ "الشعراوي" يجيب

بقلم | فريق التحرير | الخميس 17 مارس 2022 - 10:22 ص

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (الدّخان: 3)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


مسألة الإنزال تعني إنزال شيء من أعلى إلى أسفل، وتقتضي: مُنزِل، ومُنزَل إليه، فالذي أنزل هو الله، وما دام أنْ المنزِلَ هو الله فالإنزال من جهة العلو بصرف النظر عن المكانية، لأنه قال عن الحديد: { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ }[الحديد: 25] والحديد في باطن الأرَض، والإنزال يُشْعِر بعلُوّ المنزل.

ثم الشيء المنزَل هو القرآن الكريم { أَنزَلْنَاهُ } [الدخان: 3] إليّ مَنْ أنزل إلى الناس { فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } [الدخان: 3] هي ليلة القدر يعني: زمنَ النزول العام للقرآن.

وقال { فِي لَيْلَةٍ } [الدخان: 3] لأن الليل محل السكون والهدوء، حيث لا لَغَطَ ولا ضوضاء ولا صَخَب يُمكن أنْ يُشوّش على المنزَل، كذلك يكون الإنسان ساكناً غيرَ منشغل الجوارح بشيء.

إذن: في الليل يتوفر للعقل كُلُّ مُقوِّمات الانتباه والاستيعاب وصفاء النفس، لذلك اقرأ في أول سورة المزمل:{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ * قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً }[المزمل: 1-6].

إذن: نزل القرآن ليلاً لأنه أنسبُ وقت لنزوله، ونزل على قلب رسول الله بمكة، فهي ليلة مكة ولا غيرها، ومكة وسط العالم ومركزه، لذلك قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }[البقرة: 143].

البعض قال عن هذه الليلة: هي ليلة القدر لقوله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [القدر: 1] وآخرون قالوا: بل هي ليلة النصف من شعبان، والمسألة هذه تحتاج منا إلى تمحيص لأنه نزل في واحدة منها.

القرآن نزل جملة واحدة


نقول: القرآن قبل أنْ ينزل ويباشر مهمته في الوجود كان في أيِّ مكان؟ كان في اللوح المحفوظ { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } [الواقعة: 77-79] وقال: { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } [الزخرف: 4].

فالنزول الأول للقرآن كان جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، لكن هل نزل ما سُجِّل في اللوح المحفوظ أو نسخة منه؟ قالوا: بل نسخة منه بعد استنساخه.

ثم بعد ذلك نزل مُنجَّماً حسْب الأحوال والأحداث، نزل به الملَكُ جبريل على قلب سيدنا رسول الله، كل نَجْم منه في مناسبة.

إذن: عندنا مراحل ثلاث لنزول القرآن: الأولى استنساخه من اللوح المحفوظ، وهذا له زمن، ثم نزوله جملة واحدة إلى سماء الدنيا وله زمن، ثم نزوله مُنجماً حسْب الأحوال، وهذا النزول له زمن يمتدّ على مدى الأحداث استغرق عدة سنوات.

ومن الممكن أنْ نجد في هذه المراحل الثلاث مخرجاً من إشكال: أهو في ليلة القدر أم في النصف من شعبان؟ ولا مانع من اشتراك الليلتين في هذا الفضل في أيِّ مرحلة من مراحله.ثم إن ليلة النصف من شعبان لها شرفها وكرامتها الخاصة بها، وهي مسألة تحويل القبلة التي هي متجه المسلمين جميعاً في كلِّ بقاع الأرض، ثم إن الاتجاه إلى بيت المقدس كان له زمن وله حكمة، ثم التحول إلى الكعبة كان أيضاً له زمن وله حكمة.

فليستْ المقارنة هنا بين حَقٍّ وباطل، بل الفرق بين أمرين حكيمين، لكن هذا له زمن وهذا له زمن، لذلك الحق سبحانه لم يشأ أن يجعل تحويل القبلة في فرض من أوله، إنما في أثناء الفرض قسمة الأمر بالتحويل قسمين، فصلى نصف الصلاة الأولى إلى بيت المقدس، ونصفها الآخر إلى الكعبة.

وهذا إنْ دَلَّ فإنما يدلّ على أن بيتَ المقدس داخلٌ في مقدسات المسلمين كالكعبة تماماً، وحادثة الإسراء من بيت المقدس تؤكد ذلك.

إذن: شاء الله تعالى أنْ يكون متجه الصلاة مرة إلى بيت المقدس، ومرة إلى الكعبة لحكمة في كليهما. الأولى: أنْ يكون بيتُ المقدس من مقدَّسات المسلمين. الثانية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له ألفة بقبلة إبراهيم عليه السلام.

لذلك قال تعالى: { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ.. } [البقرة: 144].

اقرأ أيضا:

مدد من الله للمؤمنين.. ماذا قال "أبوجهل" عند سماعه الملائكة في غزوة بدر؟ (الشعراو يجيب)

الرد على شبهة اليهود 


والصلاة فُرضَتْ على رسول الله بعد معراجه إلى السماء من بيت المقدس، والصلاة هذه بها متجه القبلة، فالقبلة لابدّ أنْ تأخذَ الاثنين مبدأ التشريعي ومبدأ الاستبقائي، وهذا جعله الله فتنةً للمسلمين ولغير المسلمين، لأن القِبْلَة لما كانت إلى بيت المقدس قالوا: ما الذي حوَّله عن قبلة إبراهيم إلى قبلة داود وسليمان، وقلنا: لكي تدخل في مقدسات الإسلام ولا يستبدلوا بها.

واليهود التقطوا هذه المسألة وجعلوها شبهة وقالوا: إذا كان محمد رافضاً لديننا فكيف يتبع قبلتنا؟ إذن: كانت فتنةً للطرفين لكي يلتزم الإنسانُ التوجيهات الإلهية بدون تدخُّل للعقل فيها.

وقالوا في الليلة المباركة: إنها ليلة البراءة وليلة الصّك وليلة الرحمة، ليلة البراءة مأخوذة من البراءة التي كان يُعطيها العامل على الزكاة للمموِّل حين يعطيه حَقَّ الله في المال وهو الزكاة، فيعطيه العامل صَك البراءة الذي يدلّ على أدائه للزكاة وبراءة ذمته منها، والصَّك بنفس المعنى.

وليلة الرحمة، قالوا: رحمة برسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، لأن نفسه كانت تتُوق للتوجُّه نحو قِبْلة إبراهيم.

وقوله سبحانه: { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان: 3] بعد أنْ ذكر الإنزال ذكر الإنذار، فالإنزال للإنذار، لأن القاعدةَ الشرعية أنَّ درْءَ المفسدة مُقدَّم على جلب المصلحة فذكر (منذرين) قبل مبشِّرين.

وسبق أنْ قلنا: هَبْ أن واحداً يرمي لك تفاحة، وفي ذات الوقت آخر يرميك بحجر، فبأيِّهما تنشغل؟ لا شكَّ أنك تحرص أولاً على دَفْع الحجر عنك وتُقدِّمه على استقبال التفاحة.

كذلك الحال في هذا الأسلوب القرآني { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان: 3] كلمة (كُنَّا) دلتْ على الماضي مع أن الإنذار مستمر ولا يزال، لأن الحق سبحانه لا يحكمه زمن معين، لأنه سبحانه خالق الزمن، وما دام الزمن من خَلْق الله فالمخلوق لا يتحكم في الخالق. فالماضي والحاضر والمستقبل في حقنا نحن البشر، أمَّا في حَقِّ الله تعالى فلزمن كله سواء، فحين تقرأ مثلاً { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الأحزاب: 50] تقول: كان ولا يزال وسيكون في المستقبل، لأنه ما دام كان في الأزل، وهو سبحانه لا يعتريه تغيير فهو من الأزل إلى الأبد غفور رحيم.

وقوله تعالى: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [الدخان: 4] أي: في هذه الليلة { يُفْرَقُ } [الدخان: 4] بمعنى يُوضِّح ويُفصِّل ويُبيِّن، والفرق هنا ليس بين حق وباطل، إنما بين أمرين كلاهما حق، وله حكمة في زمنه.

وتأمل وصف الأمر ذاته بأنه (حكيم) لأنه أمر الله { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } [الدخان: 5] يعني: ليس هناك حكمة ترتقي إلى هذا الأمر الذي يأتي من قِبَل الحق سبحانه { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [الدخان: 5] يعني: لم نترك خَلْقنا هملاً إنما خلقناهم وأرسلْنا لهم مَنْ يأخذ بأيديهم إلى الصراط المستقيم ويدلُّهم على الهدى ويُبيِّن لهم.




الكلمات المفتاحية

القرآن تفسير القرآن الشعراوي سورة الدخان نزول القرآن ليلة النصف من شعبان ليلة القدر القرآن نزل جملة واحدة الرد على شبهة اليهود

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ" (الدخان: 3)