خلال الفترة الأخيرة، ومع تزايد الابتلاءات والأوبئة في شتى أنحاء العالم، انتشرت ظاهرة غير مطلوبة على الإطلاق، وهي ارتفاع أصوات الناس
بالدعاء إلى الله تعالى، وكأن الله -والعياذ بالله- لن يسمع إلا صاحب الصوت الأعلى.
لكن الحقيقة خلاف ذلك تمامًا، فالله تعالى قريب، ويسمع دعاءنا ويرى مكاننا و يعلم حالنا، لأنه هو المنجي من المهالك.
وهذا هو النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا، لما كان في سفرة، و رفع بعض صحابته الكرام رضوان الله عليهم جميعا أصواتهم بالدعاء، فقال لهم:
«اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا بعيدًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا ولكن تدعون سميعًا بصيرًا».
اقرأ أيضا:
لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتكللدعاء آداب
للدعاء آداب، يجب على الكل أن يلم بها، وأولها: خفض الصوت، وذلك أمر إلهي، قال تعالى: «(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين » (الأعراف:55)، وقال عن نبي الله زكريا عليه السلام، مادحاً له: «إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا» (مريم 3).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى داعيًا إلى خفض الصوت أثناء الدعاء: « وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ » (الأعراف 205).
وهو ما شددت عليه السنة النبوية، فقد وأخرج البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: «وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا »، أنها قالت: أنزلت في الدعاء.
تأدب مع الله
الدعاء بالأساس هو شكوى العبد يقدمها لمن؟.. لله عز وجل.. لخالق الجبار القادر على كل شيء، فكيف له إذا كان يقدم شكواه إلى مديره، لاشك سيقدمها منمقة مرتبة وربما يرش على خطابه بعضًا من الروائح الطيبة، فما بالنا وأنت تقدم شكواك إلى الله عز وجل، إلى مالك الملك، وجبار السموات والأرض!..
أليس بأولى أن تكون وأنت في رحابه أكثر ثباتًا وتأدبًا؟.. كيف ترفع صوتك وهو يؤكد لك مرارًا أنه قريب وليس ببعيد، قال تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ».