يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» ( البقرة 273).
هؤلاء الذين استغنوا المستغنون بالله عز وجل، يدركون حقيقة الحياة، وبالإضافة لذلك رؤوسهم تناطح السماء، فلا يسألون الناس، ولا يظهر عليهم أي شيء يقلل من شأنهم مهما كانت ظروفهم صعبة، وما ذلك إلا لأنهم علموا حق المعرفة أنه من أعظم أسباب العزة في الدنيا الاستغناء عن الناس بالله.
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتتربية نبوية
الاستغناء عن الناس بالله عز وجل، بالأساس تربية نبوية، عوّد رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام عليها، فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: «كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: ألا تبايعون رسول الله؟ وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئا. فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إياه».
العزة لهؤلاء
فمن أراد أن يعيش عزيزًا، عليه بالاستغناء، لأنه لو علم كل إنسان أن النهاية قادمة لا محالة، وأن الكل أمام الله عز وجل سواء، إلا المتقين ففي مكانة أخرى يتمناها الجميع، لترك الكل الدنيا وما فيها ولعاش حياته بأقل القليل.
وفي الحديث الذي رواه سهل بن سعد، قال: جاء أمين الملائكة جبريل عليه السلام إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس».. لذلك فإن ومن أعظم الاستغناء عن الناس، استغناء من قدر الله عز وجل عليه رزقه، فتراه يستعفف ولا يطلب المال من الناس، ويصبر على الضائقة مهما طالت.
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنهما، أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: ما يكن من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر.
اقرأ أيضا:
أنسب وأفضل اختيار.. هكذا تراه بنور البصيرةاقرأ أيضا:
استعمال ورق السدر في علاج السحر.. كيف يكون؟