رمضان شهر التقرب إلى الله، لكن هل تتصور أنه في هذا الشهر الفضيل، بينما أنت تتودد إلى الله عز وجل بقراءة القرآن والصيام، والصدقات، هو أيضًا يتودد إليك..
الله يتودد إليك بدايةً، بأن منحنا هذا الشهر الفضيل، بكل ما فيه من خيرات لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.. يتودد إليك بأن ضاعف عدد الحسنات التي تحصل عليها مقابل أي فعل طيب تفعله.
الكلمة الطيبة أجرها ليس كأجر بقية الشهور، والصدقة ليست كأجر بقية الشهور، تأمل ود الله لعباده إذ يقول حديثه القدسي: « من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتانى يمشى أتيته هرولة ».
عزيزي المسلم، إذا كنت أنت تتودد إلى الله عز وجل بأن تتخذ خطوة نحو طريق الله سبحانه، مثلا كأن تتصدق بصدقة، وأنت في أمس الحاجة إلى هذا المال، فحينها، اعلم أن الله أعانك على نفسك.. هذا بدايةً.. ثم جعلك تتحرك وتؤثر على نفسك، ليرفع من قدرك وقيمتك، ثم يثبتك، وحينها تكون قد بلغت مكانة عالية جدًا، فيحبك الله، ومن يحبه الله عز وجل، ينادي في السماء أن أحبوا فلانًا، ثم يضع له القبول في الأرض.. فلو حسبتها ستجد أنك كأنك خطيت خطوة واحدة، والله في عليائه خطى نحوك أكثر من خطوة.. وما ذلك إلا لأنه يحبك.. فهلا أنت أحببته، واستغللت هذا الشهر الفضيل في التقرب أكثر وأكثر.
كيف يعقل أن يتودد الله عز وجل إليك بكل الطرق، وأنت ساكن لا تتحرك، تعلم الزهد وطيب الكلم، وأدى النوافل بخلاف الفرائض يحبك الله لاشك.
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته، أحبني الله وأحبني الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس».
عزيزي المسلم، احرص كل الحرص على أن تتبع سنة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، يحبك الله ورسوله، تأكيدًا لقوله تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (آل عمران: 31).