عزيزي المسلم، يا من تمر بظروف متقلبة، ولكنك تخشى أن تبدو غير متماسك.. اعلم يقينًا أنه ليس شرطًا أن تبدو متماسكًا دائمًا. فالمولى عز وجل يقول في كتابه لكريم: «وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ» ( التوبة 92).
الانكسار تعبير عن حقيقة إنسانيتا، وليس تعبير عن الضعف والوهن أمام الناس، فيجعلك تخجل من نفسك، قال تعالى: «يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا».. فكما يقولون: «الدنيا على هذا وذاك».. أي متقلبة وكما رأيت منها الوجه الحسن المضحك، بديهي أن ترى الوجه الآخر يومًا ما.. والعبرة هنا بالثبات والوثوق في الله عز وجل.
الخيرة فيما اختاره الله
بالأساس الله عز وجل خلق الإنسان في هذه الحياة ليختبره، وهنا يميز الله عز وجل بين القوي الإيمان والضعيف، لكن هناك أمور لا يعيبك أبدًا أن تبدو فيها غير متماسك.. فهذا لا يعني أنك ضعيف الإيمان، وإنما يعني أنك إنسان.. مثلا إذا فقدت عزيز لديك، بديهي أن تحزن.. أو إذا فشلت في الوصول لهدف كنت تتمنى تحقيقه.. بديهي أن تحزن.. لكن الحزن الذي لا يعطلك عن استمرار حياتك.. وإنما اجعله دفعة قوية للأمام..
النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، عاش «عام الحزن».. وهو العام الذي فقد فيه أقرب الناس إليه، السيدة خديجة رضي الله عنها التي كانت تخفف عنه الألم في مواجهة تعنت قريش، وعمه حمزة ابن عبدالمطلب الذي كان بمثابة السند القوي في وجه قريش.. لكنه رغم حزنه الشديد استكمل حياته، وأصر على بناء دولة الإسلام، وإيصال الرسالة للعالم أجمع.. فنجح.
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟اللجوء إلى الله
بالتأكيد الإنسان في حزنه يحتاج لأقرب الناس بجانبه، لكن سواء كان بقربك أحدهم يخفف عنك أو لا، اقترب أنت في هذه اللحظات من الذي يستطيع رفع الغيم والقهر في لحظة، الجأ لما يا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.. لا تتردد واسأله رفع البلاء وتيسير الأمور، ستجد أعاجب الأمور تحدث وأنت لا تتصور.. لأنه بالأساس كما قلنا الابتلاءات إنما يعلمها الله عز وجل وينزلها ليميز قوة إيمانك.
فثق به سبحانه، قال عز وجل يوضح ذلك: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22، 23).