عندما اقترب الهادي البشير سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ملاقاة ربه في العام الحادي عشر هجرية واشتدت آلام المرض به كان الرسول يجلس يوم اثنين كانت بجواره زوجه وأم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- فأسندته إليها، وكان موته في بيتها، وفي حِجرها.
وعند اشتداد سكرات الموت علي الرسول صلي الله عليه وسلم أقرّ أنّ للموت سكراتٍ، فرفع إصبعه وشَخِص بصره للأعلى، وسمعت عائشة منه كلماتٍ فأصغت إليه، وإذ به يقول: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأعلي وهي كلمات كررها الرسول ثلاثاً قبل ملاقاة ربه سبحانه وتعالي .
ولقي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ربه يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأوّل، في العام الحادي عشر للهجرةوالذي وافق العام 633 ميلادي من شهر يونيه وكان له -صلّى الله عليه وسلّم- من العُمر ثلاثة وستون عاماً، وكان موته صلي الله عليه وسلم من علامات او اشراط الساعة، بحسب ما رواه الإمام البخاريّ عن عوف بن مالك الأشجعيّ أنّه قال: "أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي...)،
وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- جرت في المدينة المنورة، في حُجرة السيدة عائشة -رضي الله عنها-، بل جاء بالخبر الصحيح أنّه قُبض -عليه الصلاة والسلام- ورأسه على فخذ عائشة رضي الله عنهاحيث كان الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما من أقرب زوجاته إليه .
وقبل أيام من وفاته صلي اله عليه وسلم تحدث مع الصحابة رضوان الله عليهم من علي المنبر كأنهم يوصيهم الوصايا الأخيرة بكلمات بدأت :ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ..ﻛﺄﻧﻜﻢ ﺗﺨﺎﻓﻮﻥ ﻋﻠﻲﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻧﻌﻢ ﻳﺎﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻣﻮﻋﺪﻛﻢ ﻣﻌﻲ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ .. ﻣﻮﻋﺪﻛﻢ ﻣﻌﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻮﺽ .. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﺄﻧﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﻫﺬﺍ.الرسول مضي قائلا :ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺃﺧﺸﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ .. ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺃﺧﺸﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻓﺴﻮﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎﻓﺴﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻓﺘﻬﻠﻜﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻫﻠﻜﺘﻬﻢ متابعا صلي الله عليه وسلم ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﻩ ﺑمعنى : ﺃﺳﺘﺤﻠﻔﻜﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋلىﺍﻟﺼﻼﻩ ﻭﻇﻞ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ ..
وصايا الرسول للصحابة قبل أيام قليلة من وفاته امتدت إلي النساء حيث قال : ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ .. ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ، ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ .. أﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﺧﻴﺮﺍً.
المبعوث رحمة للعالمين تابع قائلا :ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ .. ﺇﻥ ﻋﺒﺪﺍ ﺧﻴﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻓﺎﺧﺘﺎﺭ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪﻓﻠﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻗﺼﺪﻩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﻪ .. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﺼﺪ ﻧﻔﺴﻪ.ﺃﺑﻮﺑﻜﺮ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﻪ .. ﻓﺎﻧﻔﺠﺮ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭعلا نحييبه.
الخليفة الراشد الأول سيدنا أبو بكر الصديق وقف وقاطع النبي قائلا : ﻓﺪﻳﻨﺎﻙ ﺑﺂﺑﺎﺋﻨﺎ ,ﻓﺪﻳﻨﺎﻙ ﺑﺄﻣﻬﺎﺗﻨﺎ , ﻓﺪﻳﻨﺎﻙ ﺑﺄﻭﻻﺩﻧﺎ ، ﻓﺪﻳﻨﺎﻙ ﺑﺄﺯﻭﺍﺟﻨﺎ , ﻓﺪﻳﻨﺎﻙ ﺑﺄﻣﻮﺍﻟﻨﺎ , ﻭﻇﻞ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ بشكل أثار تساؤلات واستغراب الصحابة عن كيفية مقاطعة الصديق للنبي
الصحابة رضوان الله عليهم نظروا إلى ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ .. ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ؟.. ﻓﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻗﺎﺋﻼً:ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﺩﻋﻮﺍ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ .. ﻓﻤﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﺇﻻ ﻛﺎﻓﺄﻧﺎﻩ ﺑﻪ .. ﺇﻻ ﺃﺑﻮﺑﻜﺮ ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ .. ﻓﺘﺮﻛﺖ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .. كل ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ إلى ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﺴﺪ ﺇﻻ ﺑﺎﺏ ﺃﺑﻮﺑﻜﺮ .. ﻻ ﻳﺴﺪ ﺃﺑﺪﺍ.
وبعد أن انهي الرسول وصيته للمؤمنين ودفاعه عن سيدنا أبو بكر بدا النبي صلي الله عليه وسلم ﻗﺒﻞ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ .... ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﻩ ﻛﺂﺧﺮ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﻟﻬﻢ قائلا : ﺁﻭﺍﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ , ﺣﻔﻈﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ , ﻧﺼﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ , ﺛﺒﺘﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺃﻳﺪﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاتابعو الرسول وتابعو تابعيه وأمته من بعده كان لهم نصيب من حديث النبي حيث خاطب الصحابة قائلا وأوصاهم في ﺁﺧﺮ ﻛﻠﻤﻪ ﻗﺎﻟﻬﺎ .. ﺁﺧﺮ ﻛﻠﻤﻪ ﻣﻮﺟﻬﻪ ﻟﻸﻣﻪ ﻣﻦ ﻋلى ﻣﻨﺒﺮﻩ ﻗﺒﻞ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ .. ﺍﻗﺮﺃﻭﺍ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺒﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ..
وكأن النبي صلي الله عليه وسلم قد وضع خلال لقائه الأخيرة مع الصحابة دستورا تسير عليه الأمة في قادم القرون حيث أوصاهم بالمحافظة علي الصلاة كعماد الدين وأوصي بالنساء ودعا الي اناس أمنوا به ولم يروه أي أنه لم يترك شاردة ولا واردة صلي الله عليه وسلم الإ وتطرق إليها في حديثه الأخير قبل ملاقاة ربه عن 63عاما ...