مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية التابع للأزهر الشريف عالج التوكل علي الله والأخذ بالأسباب في منشور له قائلا :إن توكل العبد على ربه-سبحانه- لا يُنافِي سعيه، وأخذه بالأسباب الدُّنيوية المشروعة، مؤكدًا: بل إن الأخذ بالأسباب من تمام التوكل على الله، فقد تعبد الله -سبحانه- عباده بتوكل القلب وسَعْي الجوارح معًا، والأدلة على ذلك كثيرة.
المركز أشار عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" إلي أن الله - سبحانه وتعالى- أمر المؤمنين أن يأخذوا حذرهم من أعدائهم؛ أخذًا بأسباب النصر، فقال -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ" "النساء: 71"، وأن يُعِدوا لقتال عدوهم، فقال: "..وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ" الأنفال:60.
المركز مضي للقول في منشوره إنه سبحانه أمر أيضًا بالأخذ بأسباب الرزق؛ فقال: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" "الملك: 15"، وأمر به في موطن آخر مقرونًا بالحثّ على عبادة صلاة الجمعة، فقال -سبحانه-: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ" "الجمعة: “10.
المركز ضرب مثلا بقضية مهمة في عقيدة المسلمين وأهل الكتاب وهي قضية ميلاد سيدنا عيسي عليه الصلاة والسلام حيث قال في المنشور : كما أمر - تعالى- بألاخذ بالأسباب في قصَّة ولادة السَّيدة مريم لسيدنا المسيح -عليهما السلام-، حينما أمر الله السيدة مريم بهزِّ جذع النَّخلة؛ أخذًا بسبب الرزق رغم ما بها من ضعف وحاجة؛ ليلفت النظر إلى ضرورته وإن رآه العبد هيّنًا، قال سبحانه: "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا.." "مريم: 25، 26.
مركز الأزهر العالمى تطرق إلي الهدي النبوي مشيرا إلي أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يرضَ لأمته التَّواكل، وترك الأخذ بالأسباب، فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: "كُنْتُ رِدْفَ رَسولِ اللهِ ﷺَ علَى حِمارٍ، يُقالُ له: عُفَيْرٌ، قالَ: فقالَ: يا مُعاذُ، تَدْرِي ما حَقُّ اللهِ علَى العِبادِ؟ وما حَقُّ العِبادِ علَى الله، قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا"، مُتفق عليه.
المركز اعتبر أن الأخذ بالأسباب من هدي النبيين والصالحين، لافتًا: لقد أخذ الأنبياء بالأسباب، فهذا نوح -عليه السلام- يصنع السَّفينة هو ومن معه بوحي من الله -سبحانه- أخذًا بأسباب النَّجاة، قال سبحانه: "وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا" هود: 37، ويعقوب -عليه السلام- يقول لولده يوسف: "لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا" "يوسف: 5"؛ إخفاءً للنعمة عن أعين الحاسدين وأسماعهم؛ لئلا يكيدوا له؛ أخذًا بالأسباب.
المركز استمر في ضرب الأمثال علي الأخد باسباب من سيرة الأنبياء :كان سيدنا يوسف الصِّديق يأخذ بالأسباب ويضع خطة لإنقاذ مصر من الجدب والمجاعة، ويتلوها على ملئه قائلًا عن القمح: "فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِه" "يوسف: 47"؛ لئلا يتعفن، وتصيبه الآفات، والأمثلة في هذا الشأن كثيرة، مبينًا:
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟