احتفى رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بالكفيف المصري، الذي سجلته عدسات أحد المصورين وهو يحمل شيكارة الأسمنت متكئًا على ابنه الصغير طلبًا للرزق والعفاف، في الوقت الذي يتقاعس فيه الملايين من الشباب عن العمل، بدعوى انتشار البطالة، وعدم وجود العمل المناسب، ليضرب هذا الرجل الكفيف القدوة لكل إنسان أراد أن يعف نفسه ولسانه عن استجداء الرزق من الناس، بالتوكل على رب الناس.
وضرب العامل البسيط أيمن سعد، مثالاً قويًا فى التفانى فى العمل من أجل الرزق ولقمة العيش له ولأبنائه ولأسرته، وتشاء الأقدار أن تنتشر قصته على مواقع التواصل الاجتماعى، ليدخل مرحلة جديدة من حياته، حيث دشن رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر، خلال الأيام الماضية، حملة إلكترونية على كافة وسائل "السوشيال ميديا"، للعثور على رجل كفيف، أثار تعاطف رواد مواقع التواصل الاجتماعى دون أن يدرى، وبحثوا عنه لتكريمه، وتوفير حياة كريمة له ولإبنه الصغير، ليكون مثالاً يحتذى به للشباب الذى لا يقبل ببعض الوظائف التى يعتقد أنها أقل من إمكانياته وطموحاته.
في إطار التفاعل الفوري مع قصة الشيال الكفيف، استجابت منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، للاستغاثة التي تم نشرها وتداولها على نطاقٍ واسع بعدد من وسائل الإعلام وكذا وسائل التواصل الاجتماعي، ووجهت وزيرة التضامن الاجتماعي بسرعة اتخاذ الإجراءات العاجلة نحو دعم الرجل.
أغنياء من التعفف
وكما تكون العفة في المحافظة على العرض وصيانة المسلم نفسه من التردي في وحل المعصية، فإن العفة تكون أيضا في جانب المال، فالمسلم متعفف عن سؤال الغير حتى عند حاجته وفقره، لأن الإسلام قد غرس في قلبه أصول القناعة والرضا والحرص على الكرامة وعفة النفس.
يقول الله سبحانه وتعالى: "لِلْفُقَرَاء الذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التعَففِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ الناسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِن اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ " .
القرآن الكريم يأمرنا في هذه الآية الكريمة أن نقدم زكاتنا وصدقتنا لهؤلاء الفقراء الذين حصروا أنفسهم ووقفوها على الطاعات وعلى الجهاد في سبيل الله، والذين لم يستطيعوا الكسب بسبب مرضهم أو شيخوختهم، والذين من صفاتهم أنهم إذا نظر إليهم الجاهل بأحوالهم يظنهم أغنياء لشدة تعففهم عن سؤال غيرهم.
وحض النبي صلى الله عليه وسلم على فضيلة عفة النفس فيقول في الحديث الصحيح: "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ".
فكل إنسان يحب أن يعيش غنيا سعيدا، غير أن الغنى الذي يحقق السعادة كما يوجهنا رسولنا الكريم ليس غنى المال، إنما الغنى الحقيقي الذي يوفر للإنسان سعادته هو غنى النفس وعفتها وكرامتها.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن عمل إذا عمله أحبه الله وأحبه الناس فقال له ازهد في الدنيا يحبك الله، وأزهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس.
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟