يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ»..
للأسف كأننا نعيش في زمن أصحاب القلوب المريضة -عافانا الله وإياكم- ، إذ كثر التحول في الأخلاق فجأة وسوء الظن، والأبرز ما يبطن لك ما لا يبديه، مثل هؤلاء كالمنافقين في الدين، لأنهم يحاولون إظهار عكس ما يبطنون لك.. لكن ريثما تأتيهم الفرصة، ينقضون عليك، ولا يتركونك إلا عظامًا بلا لحم..
لكن كيف يمكن مواجهة هؤلاء؟.. تأكد أن الله عز وجل سيخرج أضغانهم يومًا ما، وحينها يكون الخلاص منهم، فهو وعد إلهي بأن يفضحهم، ومن ثم فإن بقية الآيات تؤكد ذلك.
قال تعالى: «وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ» (سورة محمد:29-31).
مرض القلوب.. اتباع الهوى
الإسلام لم يترك مرضًا إلا ووضع له العلاج، وخصوصًا أمراض القلوب، لأنها الأكثر شيوعًا، والأكثر تأثيرًا في الناس، فضلاً عن أن الشرع الحنيف، يريد من ذلك التحذير من الوقوع في مثل هذه الأمور، التي تكون بداية الانشقاق في الأمة، خصوصًا أنها تأتي من اتباع من الهوى والنفس، وهو لاشك طريق الشيطان.
يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا؛ فأي قلب أشرِبها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب على قلبين: أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه».
وفي ذلك يقول المولى عز وجل: « وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ » (البقرة: 93).
اقرأ أيضا:
قلب المؤمن بين الرجاء والخوف .. أيهما يجب أن تكون له الغلبة ليفوز برضا الله وقبول عمله؟علاج مرض القلب
الله عز وجل، حذرنا من الوقوع في زيغ القلوب، لذلك قال تعالى: «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا » (آل عمران: 8). ولذا قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: «يا أم سلمة، ما من آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ»، والزيغ هو اتباع الهوى والظن.
أما حقد القلوب فلم ينسه القرآن القرآن الكريم، وتضمن التحذير منه، بل والعناية من الله منه، قال تعالى: «وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ » (الحشر: 10).
أما العلاج.. فقد حدده الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، في ركعتين في جوف الليل فإنهما لا يميتان القلب أبدًا. عن أبي أُمامة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلتي العيدين محتسبًا لله، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».