لماذا يعرض الله عز وجل عنا.. ولماذا لا يستجيب لدعواتنا؟.. أسئلة عديدة يقدمها العديد من الناس، لكن أغلبهم لا يعرفون الإجابة الصحيحة، لأنه على كل مسلم أن يتبع سنن الإسلام، وأن يتمتع بكل آدابه، ومن هذه الآداب ما تحدث عنه الإمام الحسن البصري رحمه الله حينما قال: «من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله في ما لا يعنيه».
فكيف بنا ونحن في أشد الاحتياج إلى الله عز وجل، ونعرض عنه؟!.. نعم نعرض عنه حين نبتعد عن القرآن الكريم، قال تعالى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً » (الإسراء:82)، أيضًا على كل مسلم أن يكثر من ذكر الله عز وجل، فإن الذكر يطرد الشيطان ويرضي الرحمن، وبالتالي لا يمكن أن يعرض الله عنك، كما عليه أن يجالس الصالحين، وليبتعد عن أصحاب السوء فليتبرأ منهم اليوم قبل أن يتبرأوا هم منه غداً، قال تعالى: « الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ » (الزخرف:67).
كيف لا تنشغل بغيرك؟
قد يرى البعض أن عدم الانشغال بالغير، أمر بسيط، لكن المعتادون على هذا الأمر المشين، يرون أنه لأمر صعب، فكيف إذن يتخلون عنه؟..
البداية تكون بتعلم الطريقة التي كان عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أراد أحدهم أن يطلق زوجته فلما سئل عن السبب، قال: أنا لا أهتك ستر زوجتي. ثم لما طلقها، سئل لم طلقتها؟ فقال: ما لي وللكلام عن امرأة صارت أجنبية عنى فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.. إذن هذه هي المعادلة الصعبة، أن يدرك الإنسان أن من حسن إسلامه، تركه ما لا يعنيه.. وليس التدخل والتطفل على شئون الآخرين بسبب أو بدون سبب.
اقرأ أيضا:
أعظم وصية نبوية..وسيلة سهلة لدخول الجنةما يعنيك
للأسف كثير، يهتم بغيره لدرجة أنه ينسى ما يعنيه، وفي ذلك يقول ذو النون: « من تكلف ما لا يعنيه ضيع ما يعنيه»، بينما من علم أن هناك ما يكتبه عنه، وأنه يضيع عمره ووقته وحسناته كلها في أمور بالأساس لا تعنيه، لعاد إلى رشده سريعًا، قال تعالى: «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ » (الانفطار: 10، 11).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ » (ق: 17)، فأنت الرقيب على نفسك، توقف حين ترى نفسك تبعد عن طريق الله، وما طريق الله ببعيد إلا على الذين يبتعدون بكامل إرادتهم، بسبب رعونتهم وغوصهم فيما لا يعنيهم من أمور الناس.